للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ؛

أَحَدُهَا: حَدِيثُ جَابِرٍ فِي بَعْثِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ إِلَى جِهَةِ السَّاحِلِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْمَغَازِي، وَشَاهِدُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ قَوْلُهُ: فَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِأَزْوَادِ ذَلِكَ الْجَيْشِ فَجُمِعَ الْحَدِيثُ. وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: لَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ وَلَا الَّذِي بَعْدَهُ ذِكْرُ الْمُجَازَفَةِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوا الْمُبَايَعَةَ وَلَا الْبَدَلَ، وَإِنَّمَا يَفْضُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لَوْ أَخَذَ الْإِمَامُ مِنْ أَحَدِهِمْ لِلْآخَرِ. وَأَجَابَ ابْنُ التِّينِ بِأَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ حُقُوقَهُمْ تَسَاوَتْ فِيهِ بَعْدَ جَمْعِهِ، لَكِنَّهُمْ تَنَاوَلُوهُ مُجَازَفَةً كَمَا جَرَتِ الْعَادَةُ.

ثَانِيهَا: حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ فِي إِرَادَةِ نَحْرِ إِبِلِهِمْ فِي الْغَزْوِ، وَالشَّاهِدُ مِنْهُ جَمْعُ أَزْوَادِهِمْ وَدُعَاءُ النَّبِيِّ فِيهَا بِالْبَرَكَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ بِهِ مِنْ كَوْنِ أَخْذِهِمْ مِنْهَا كَانَ بِغَيْرِ قِسْمَةٍ مُسْتَوِيَةٍ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْجِهَادِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَوْلُهُ فِيهِ: أَزْوَادٌ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي: أَزْوِدَةٌ. وَقَوْلُهُ: وَأَمْلَقُوا؛ أَيِ افْتَقَرُوا.

قَوْلُهُ: (وَبَرَّكَ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ؛ أَيْ دَعَا بِالْبَرَكَةِ. وَقَوْلُهُ: فَاحْتَثَى بِسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ مَفْتُوحَةٌ ثُمَّ مُثَلَّثَةٌ افْتَعَلَ، مِنَ الْحَثْيِ؛ وَهُوَ الْأَخْذُ بِالْكَفَّيْنِ.

ثَالِثُهَا: حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فِي تَعْجِيلِ صَلَاةِ الْعَصْرِ، وَهُوَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي غَيْرِ مَظِنَّتِهَا، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَوَاقِيتِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ رَافِعٍ تَعْجِيلَ الْمَغْرِبِ، وَفِي هَذَا تَعْجِيلَ الْعَصْرِ. وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا قَوْلُهُ: فَنَنْحَرُ جَزُورًا فَيُقْسَمُ عَشْرَ قِسَمٍ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: فِي حَدِيثِ رَافِعٍ الشَّرِكَةُ فِي الْأَصْلِ، وَجَمْعُ الْحُظُوظِ فِي الْقَسْمِ، وَنَحْرُ إِبِلِ الْمَغْنَمِ، وَالْحُجَّةُ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْعَصْرِ مَصِيرُ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: نَضِيجًا بِالْمُعْجَمَةِ وَبِالْجِيمِ؛ أَيِ اسْتَوَى طَبْخُهُ.

رَابِعُهَا: حَدِيثُ أَبِي مُوسَى.

قَوْلُهُ: (عَنْ بُرَيْدٍ) هُوَ بِالْمُوَحَّدَةِ وَالرَّاءِ مُصَغَّرًا.

قَوْلُهُ: (إِذَا أَرْمَلُوا)؛ أَيْ فَنِيَ زَادُهُمْ. وَأَصْلُهُ مِنَ الرَّمْلِ كَأَنَّهُمْ لَصِقُوا بِالرَّمْلِ مِنَ الْقِلَّةِ، كَمَا قِيلَ فِي: ﴿ذَا مَتْرَبَةٍ﴾

قَوْلُهُ: (فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ)؛ أَيْ: هُمْ مُتَّصِلُونَ بِي. وَتُسَمَّى مِنْ هَذِهِ الِاتِّصَالِيَّةَ، كَقَوْلِهِ: لَسْتُ مِنْ دَدٍ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ فَعَلُوا فِعْلِي فِي هَذِهِ الْمُوَاسَاةِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: مَعْنَاهُ الْمُبَالَغَةُ فِي اتِّحَادِ طَرِيقِهِمَا وَاتِّفَاقِهِمَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى. وَفِي الْحَدِيثِ فَضِيلَةٌ عَظِيمَةٌ لِلْأَشْعَرِيِّينَ قَبِيلَةُ أَبِي مُوسَى، وَتَحْدِيثُ الرَّجُلِ بِمَنَاقِبِهِ، وَجَوَازُ هِبَةِ الْمَجْهُولِ، وَفَضِيلَةُ الْإِيثَارِ وَالْمُوَاسَاةِ، وَاسْتِحْبَابُ خَلْطِ الزَّادِ فِي السَّفَرِ وَفِي الْإِقَامَةِ أَيْضًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٢ - بَاب مَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ فِي الصَّدَقَةِ

٢٤٨٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنِي، ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ ، قَالَ: وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ مَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ فِي الصَّدَقَةِ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ فِي الزَّكَاةِ وَتَقَدَّمَ فِيهِ، وَقَيَّدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّرْجَمَةِ بِالصَّدَقَةِ لِوُرُودِهِ فِيهَا، لِأَنَّ التَّرَاجُعَ لَا يَصِحُّ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فِي الرِّقَابِ. وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: فِقْهُ الْبَابِ أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ إِذَا خُلِطَ رَأْسُ مَالِهِمَا فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ أَكْثَرَ مِمَّا أَنْفَقَ صَاحِبُهُ تَرَاجَعَا عِنْدَ الْقِسْمَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ أَمَرَ الْخَلِيطَيْنِ فِي الْغَنَمِ بِالتَّرَاجُعِ بَيْنَهُمَا وَهُمَا شَرِيكَانِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ كُلَّ شَرِيكَيْنِ فِي مَعْنَاهُمَا.

وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّ التَّرَاجُعَ الْوَاقِعَ بَيْنَ الْخَلِيطَيْنِ فِي الْغَنَمِ لَيْسَ مِنْ بَابِ قِسْمَةِ الرِّبْحِ، وَإِنَّمَا أَصْلُهُ غُرْمٌ مُسْتَهْلَكٌ، لِأَنَّا نُقَدِّرُ أَنَّ مَنْ لَمْ