الْمَذْكُورِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
١٢٤ - بَاب مَا يَقُولُ الْإِمَامُ وَمَنْ خَلْفَهُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ
٧٩٥ - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ؛ قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ يُكَبِّرُ، وَإِذَا قَامَ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ.
قَوْلُهُ: (بَابُ مَا يَقُولُ الْإِمَامُ وَمَنْ خَلْفَهُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ). وَقَعَ فِي شَرْحِ ابْنِ بَطَّالٍ هُنَا بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَمَا يَقُولُ الْإِمَامُ وَمَنْ خَلْفَهُ إِلَخْ، وَتَعَقَّبَهُ بِأَنْ قَالَ: لَمْ يُدْخِلْ فِيهِ حَدِيثًا لِجَوَازِ الْقِرَاءَةِ وَلَا مَنْعِهَا. وَقَالَ ابْنُ رَشِيدٍ: هَذِهِ الزِّيَادَةُ لَمْ تَقَعْ فِيمَا رَوَيْنَاهُ مِنْ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ. انْتَهَى.
وَكَذَلِكَ أَقُولُ، وَقَدْ تَبِعَ ابْنُ الْمُنِيرِ، ابْنُ بَطَّالٍ، ثُمَّ اعْتَذَرَ عَنِ الْبُخَارِيِّ بِأَنْ قَالَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَضَعَهَا لِلْأَمْرَيْنِ؛ فَذَكَرَ أَحَدَهُمَا وَأَخْلَى لِلْآخَرِ بَيَاضًا لِيَذْكُرْ فِيهِ مَا يُنَاسِبُهُ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ مَانِعٌ فَبَقِيَتِ التَّرْجَمَةُ بِلَا حَدِيثٍ. وَقَالَ ابْنُ رَشِيدٍ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَرْجَمَ بِحَدِيثٍ مُشِيرًا إِلَيْهِ وَلَمْ يُخَرِّجْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ لِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ اضْطِرَابًا، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ، وَفِي آخِرِهِ: أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، ثُمَّ تَعَقَّبَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنَّ ظَاهِرَ التَّرْجَمَةِ الْجَوَازُ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْمَنْعُ. قَالَ: فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى التَّرْجَمَةِ بَابُ حُكْمِ الْقِرَاءَةِ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْجَوَازِ أَوِ الْمَنْعِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي ذَلِكَ جَوَازًا وَمَنْعًا، فَلَعَلَّهُ كَانَ يَرَى الْجَوَازَ لِأَنَّ حَدِيثَ النَّهْيِ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ. انْتَهَى مُلَخَّصًا. وَمَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ إِلَى هَذَا الْأَخِيرِ، لَكِنْ حَمَلَهُ عَلَى وَجْهٍ أَخَصَّ مِنْهُ؛ فَقَالَ: لَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْحَمْدَ فِي الصَّلَاةِ لَا حَجْرَ فِيهِ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ مَطَالِبِهَا ظَهَرَ تَسْوِيغُ ذَلِكَ فِي الرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ، فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ آيَاتُ الْحَمْدِ كَمُفْتَتَحِ الْأَنْعَامِ وَغَيْرِهَا.
فَإِنْ قِيلَ: لَيْسَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ ذِكْرُ مَا يَقُولُهُ الْمَأْمُومُ، أَجَابَ ابْنُ رَشِيدٍ بِأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى التَّذْكِيرِ بِالْمُقَدِّمَاتِ لِتَكُونَ الْأَحَادِيثُ عِنْدَ الِاسْتِنْبَاطِ نُصْبَ عَيْنَيِ الْمُسْتَنْبِطِ، فَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ: إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، وَحَدِيثُ: صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي. قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَاسَ الْمَأْمُومَ عَلَى الْإِمَامِ لَكِنْ فِيهِ ضَعْفٌ. قُلْتُ: وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِلَفْظِ: كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ فَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، قَالَ مَنْ وَرَاءَهُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَلَكِنْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: الْمَحْفُوظُ فِي هَذَا فَلْيَقُلْ مَنْ وَرَاءَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. وَسَنَذْكُرُ الِاخْتِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ: كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ؛ قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ. وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا ذَكَرَ مَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْآخَرُ.
قَوْلُهُ: (اللَّهُمَّ رَبَّنَا) ثَبَتَ فِي أَكْثَرِ الطُّرُقِ هَكَذَا، وَفِي بَعْضِهَا يحَذْفِ اللَّهُمَّ وَثُبُوتُهَا أَرْجَحُ، وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ، وَفِي ثُبُوتِهَا تَكْرِيرُ النِّدَاءِ؛ كَأَنَّهُ قَالَ: يَا اللَّهُ يَا رَبَّنَا.
قَوْلُهُ: (وَلَكَ الْحَمْدُ) كَذَا ثَبَتَ زِيَادَةُ الْوَاوِ فِي طُرُقٍ كَثِيرَةٍ، وَفِي بَعْضِهَا كَمَا فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ بِحَذْفِهَا، قَالَ النَّوَوِيُّ: الْمُخْتَارُ لَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ. وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: كَأَنَّ إِثْبَاتَ الْوَاوِ دَالٌّ عَلَى مَعْنًى زَائِدٍ، لِأَنَّهُ يَكُونُ التَّقْدِيرُ مَثَلًا رَبَّنَا اسْتَجِبْ وَلَكَ الْحَمْدُ، فَيَشْتَمِلُ عَلَى مَعْنَى الدُّعَاءِ وَمَعْنَى الْخَبَرِ. انْتَهَى. وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاوَ عَاطِفَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ التَّكْبِيرِ إِذَا قَامَ مِنَ السُّجُودِ قَوْلُ مَنْ جَعَلَهَا حَالِيَّةً، وَأَنَّ الْأَكْثَرَ رَجَّحُوا ثُبُوتَهَا. وَقَالَ الْأَثْرَمُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يُثْبِتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute