خَسَأْتُهُ عَنِّي، وَخَسَأَ هُوَ، يَعْنِي يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا﴾؛ أَيْ مُبْعَدًا. وَقَالَ الرَّاغِبُ: خَسَأَ الْبَصَرُ انْقَبَضَ عَنْ مَهَانَةٍ، وَخَسَأْتَ الْكَلْبَ فَخَسَأَ أَيْ زَجَرْتَهُ مُسْتَهِينًا بِهِ فَانْزَجَرَ. وَقالَ ابْنُ التِّينِ فِي قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ اخْسَأْ: مَعْنَاهُ اسْكُتْ صَاغِرًا مَطْرُودًا. وَثَبَتَتِ الْهَمْزَةُ فِي آخِرِ اخْسَأْ فِي رِوَايَةٍ، وَحُذِفَتْ فِي أُخْرَى بِلَفْظِ: اخْسَ؛ وَهُوَ تَخْفِيفٌ.
٩٨ - بَاب قَوْلِ الرَّجُلِ: مَرْحَبًا. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِفَاطِمَةَ: مَرْحَبًا بِابْنَتِي. وَقَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: جِئْتُ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ
٦١٧٦ - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: مَرْحَبًا بِالْوَفْدِ الَّذِينَ جَاءُوا غَيْرَ خَزَايَا وَلَا نَدَامَى. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا حَيٌّ مِنْ رَبِيعَةَ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مُضَرُ، وَإِنَّا لَا نَصِلُ إِلَيْكَ إِلَّا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ فَصْلٍ نَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ وَنَدْعُوا بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا. فَقَالَ: أَرْبَعٌ وَأَرْبَعٌ؛ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَآتُوا الزَّكَاةَ، وَصُومُوا رَمَضَانَ، وَأَعْطُوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ. وَلَا تَشْرَبُوا فِي الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْمِ، وَالنَّقِيرِ، وَالْمُزَفَّتِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: مَرْحَبًا) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي: بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: مَرْحَبًا قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: مَعْنَى قَوْلِهِ مَرْحَبًا: لَقِيتَ رَحْبًا وَسَعَةً. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ، وَفِيهِ مَعْنَى الدُّعَاءِ بِالرَّحْبِ وَالسَّعَةِ، وَقِيلَ: هُوَ مَفْعُولٌ بِهِ؛ أَيْ: لَقِيتَ سَعَةً لَا ضِيقًا.
قَوْلُهُ: (وَقَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِفَاطِمَةَ: مَرْحَبًا بِابْنَتِي) هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ مِنْ رِوَايَةِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي الْحَدِيثَ، وَفِيهِ الْقَدْرُ الْمُعَلَّقُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ هُنَاكَ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: جِئْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ) هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا فِي مَوَاضِعَ، مِنْهَا فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عُقَيْلٍ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ، وَفِيهِ اغْتِسَالُ النَّبِيِّ ﷺ وَغَيْرُ ذَلِكَ.
ثم ذكر حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي وَفْدِ عَبْدِ قَيْسٍ، وَفِيهِ قَوْلُهُ ﷺ: مَرْحَبًا بِالْوَفْدِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ وَفِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ مُسْتَوْفًى، وَأَخْرَجَهُ هُنَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي التَّيَّاحِ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقَانِيَّةِ الْمَفْتُوحَةِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ وَاسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ بِالْجِيمِ وَالرَّاءِ، وَوَقَعَ فِي سِيَاقِ مَتْنِهِ أَلْفَاظٌ لَيْسَتْ فِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ، مِنْهَا قَوْلُهُ: مَرْحَبًا بِالْوَفْدِ الَّذِينَ جَاءُوا، وَمِنْهَا قَوْلُهُ: أَرْبَعٌ وَأَرْبَعٌ، وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَآتُوا الزَّكَاةَ، وَأَعْطُوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَلَا تَشْرَبُوا الْحَدِيثَ. وَالْمَعْنَى: آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ كَمَا فِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ. وَمِنْهَا جَعْلُهُ إِعْطَاءَ الْخُمُسِ مِنْ جُمْلَةِ الْأَرْبَعِ، وَفِي سَائِرِ الرِّوَايَاتِ هِيَ زَائِدَةٌ عَلَى الْأَرْبَعِ. وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثَ بُرَيْدَةَ أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا خَطَبَ فَاطِمَةَ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا، وَهُوَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَأَخْرَجَ فِيهِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ: اسْتَأْذَنَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالطَّيِّبِ الْمُطَيَّبِ، وَهُوَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ، وَابْنِ مَاجَهْ وَالْمُصَنِّفِ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَابْنُ السُّنِّيِّ فِيهِ أَحَادِيثَ أُخْرَى غَيْرَ هَذِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute