الْمُرَادُ بِهِ بَيَانُ اخْتِلَافِ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ، وَوُهَيْبٍ عَلَى أَيُّوبَ فِيهِ، فَسَاقَهُ وُهَيْبٌ عَنْهُ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ، وَفَصَلَ إِسْمَاعِيلُ بَعْضَهُ فَقَالَ: عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، وَقَالَ فِي بَعْضِهِ: عَنْ أَيُّوبَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ الدَّاوُدِيُّ: لَوْ كَانَ كُلُّهُ عِنْدَ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ مَا أَبْهَمَهُ، وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِسْمَاعِيلُ شَكَّ فِيهِ أَوْ نَسِيَهُ، وَوُهَيْبٌ ثِقَةٌ فَقَدْ جَزَمَ بِأَنَّ جَمِيعَ الْحَدِيثِ عَنْهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا فِي: بَابِ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ فِي أَوَائِلِ الْحَجِّ. (تَنْبِيهٌ): حَكَى ابْنُ بَطَّالٍ، عَنِ الْمُهَلَّبِ أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَهُ هُنَا: فَلَمَّا أَهَلَّ لَنَا بِهِمَا جَمِيعًا، قَالَ: وَمَعْنَاهُ أَمَرَ مَنْ أَهَلَّ بِالْقِرَانِ لِأَنَّهُ هُوَ كَانَ مُفْرِدًا، فَمَعْنَى أَهَلَّ لَنَا أَيْ: أَبَاحَ لَنَا الْإِهْلَالَ، فَكَانَ ذَلِكَ أَمْرًا وَتَعْلِيمًا لَهُمْ كَيْفَ يُهِلُّونَ، وَإِلَّا فَمَا مَعْنَى لَنَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؟ انْتَهَى. وَلَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ الَّتِي اتَّصَلَتْ لَنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى مَا ذَكَرَ. وَإِنَّمَا الَّذِي فِي أُصُولِنَا فَلَمَّا عَلَا عَلَى الْبَيْدَاءِ لَبَّى بِهِمَا جَمِيعًا، وَلَعَلَّهُ وَقَعَ فِي نُسْخَتِهِ: فَلَمَّا عَلَا عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ، وَفِي أُخْرَى لَبَّى، فَكُتِبَتْ لَبَّى بِأَلِفٍ فَصَارَتْ صُورَتُهَا لَنَا بِنُونٍ خَفِيفَةٍ وَجُمِعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، فَصَارَتْ أَهَلَّ لَنَا وَلَا وُجُودَ لِذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ.
١٢٠ - بَاب لَا يُعْطَى الْجَزَّارُ مِنْ الْهَدْيِ شَيْئًا
١٧١٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ ﵁ قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ ﷺ، فَقُمْتُ عَلَى الْبُدْنِ، فَأَمَرَنِي فَقَسَمْتُ لُحُومَهَا، ثُمَّ أَمَرَنِي فَقَسَمْتُ جِلَالَهَا وَجُلُودَهَا
١٧١٦ م - قَالَ سُفْيَانُ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ ﵁ قَالَ: أَمَرَنِي النَّبِيُّ ﷺ أَنْ أَقُومَ عَلَى الْبُدْنِ، وَلَا أُعْطِيَ عَلَيْهَا شَيْئًا فِي جِزَارَتِهَا.
قَوْلُهُ: (بَابُ لَا يُعْطِي الْجَزَّارَ مِنَ الْهَدْيِ شَيْئًا) فَاعِلُ يُعْطِي مَحْذُوفٌ أَيْ صَاحِبُ الْهَدْيِ، وَالْجَزَّارَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَرُوِيَ بِفَتْحِ الطَّاءِ، وَالْجَزَّارُ بِالرَّفْعِ.
قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ) هُوَ الثَّوْرِيُّ.
قَوْلُهُ: (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ التَّصْرِيحُ بِالْإِخْبَارِ بَيْنَ مُجَاهِدٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَبَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَلِيٍّ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ سُفْيَانُ) هُوَ الْمَذْكُورُ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَلَيْسَ مُعَلَّقًا، وَقَدْ وَصَلَهُ النَّسَائِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ الْمَذْكُورُ هُوَ الْجَزَرِيُّ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْبَابِ بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (فَقُمْتُ عَلَى الْبُدْنِ) أَيِ الَّتِي أَرْصُدُهَا لِلْهَدْيِ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: أَنْ أَقْوَمَ عَلَى الْبُدْنِ أَيْ عِنْدِ نَحْرِهَا لِلِاحْتِفَاظِ بِهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، أَيْ: عَلَى مَصَالِحِهَا فِي عَلْفِهَا وَرَعْيِهَا وَسَقْيِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَقَعْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَدَدُ الْبُدْنِ، لَكِنْ وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ أَنَّهَا مِائَةُ بَدَنَةٍ، وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: نَحَرَ النَّبِيُّ ﷺ ثَلَاثِينَ بَدَنَةً، وَأَمَرَنِي فَنَحَرْتُ سَائِرَهَا. وَأَصَحُّ مِنْهُ مَا وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ، فَإِنَّ فِيهِ: ثُمَّ انْصَرَفَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ، ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبِضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَطُبِخَتْ فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا. فَعُرِفَ بِذَلِكَ أَنَّ الْبُدْنَ كَانَتْ مِائَةَ بَدَنَةٍ، وَأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَحَرَ مِنْهَا ثَلَاثًا وَسِتِّينَ وَنَحَرَ عَلِيٌّ الْبَاقِيَ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهُ ﷺ نَحَرَ ثَلَاثِينَ، ثُمَّ أَمَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute