وَدَخَلَ عُبَّادُ الْأَوْثَانِ فِي الْإِسْلَامِ رَجَعَ إِلَى مُخَالَفَةِ بَاقِي الْكُفَّارِ وَهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ.
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ (قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ جَزَّءُوهُ أَجْزَاءً فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ) زَادَ الْكُشْمِيهَنِيُّ: يَعْنِي قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ﴾.
٥٣ - بَاب إِسْلَامِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ ﵁
٣٩٤٦ - حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ أَبِي. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ أَنَّهُ تَدَاوَلَهُ بِضْعَةَ عَشَرَ مِنْ رَبٍّ إِلَى رَبٍّ.
٣٩٤٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ سَلْمَانَ ﵁ يَقُولُ: أَنَا مِنْ رَامَ هُرْمُزَ.
٣٩٤٨ - حدثنا الْحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: فَتْرَةٌ بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ سِتُّ مِائَةِ سَنَةٍ.
قَوْلُهُ: (بَابُ إِسْلَامِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ) تَقَدَّمَتْ تَرْجَمَتُهُ فِي الْبُيُوعِ. وقَوْلُهُ: (قَالَ أَبِي) هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ طَرْخَانَ التَّيْمِيُّ وَأَبُو عُثْمَانُ هُوَ النَّهْدِيُّ.
قَوْلُهُ: (تَدَاوَلَهُ بِضْعَةَ عَشَرَ مِنْ رَبٍّ إِلَى رَبٍّ) أَيْ مِنْ سَيِّدٍ إِلَى سَيِّدٍ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي النَّهْيِ عَنْ إِطْلَاقِ رَبٍّ عَلَى السَّيِّدِ، وَقَدْ مَرَّ فِي الْبُيُوعِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْبِضْعِ وَأَنَّهُ مِنَ الثَّلَاثَ إِلَى الْعَشْرِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَذَكَرَ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ سَلْمَانَ فِي قِصَّتِهِ أَنَّهُ كَانَ ابْنَ مَلِكٍ، وَأَنَّهُ خَرَجَ فِي طَلَبِ الدِّينِ هَارِبًا، وَأَنَّهُ انْتَقَلَ مِنْ عَابِدٍ إِلَى عَابِدٍ إِلَى أَنْ قَدِمَ يَثْرِبَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الشِّرَاءِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ كَيْفِيَّةُ إِسْلَامِ سَلْمَانَ وَمُكَاتَبَةُ الَّذِي كَانَ فِي رِقِّهِ عَلَى غَرْسِ الْوَدْيِ. وَزَعَمَ الدَّاوُدِيُّ أَنَّ وَلَاءَ سَلْمَانَ كَانَ لِأَهْلِ الْبَيْتِ لِأَنَّهُ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ النَّبِيِّ ﷺ فَكَانَ وَلَاؤُهُ لَهُ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ التِّينِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مَذْهَبَ مَالِكٍ، قَالَ: وَالَّذِي كَاتَبَ سَلْمَانَ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِوَلَائِهِ إِنْ كَانَ مُسْلِمًا، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا فَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ. قُلْتُ: وَفَاتَهُ مِنْ وُجُوهِ الرَّدِّ عَلَيْهِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَا يُورَثُ فَلَا يُورَثُ عَنْهُ الْوَلَاءُ أَيْضًا إِنْ قُلْنَا بِوَلَاءِ الْإِسْلَامِ عَلَى تَقْدِيرِ التَّنَزُّلِ.
قَوْلُهُ: (أَنَا مِنْ رَامَ هُرْمُزَ) فِي رِوَايَةِ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عَوْفٍ بِلَفْظِ أَنَا مِنْ أَهْلِ رَامَ هُرْمُزَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمِيمِ وَضَمِّ الْهَاءِ وَالْمِيمِ بَيْنَهُمَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ زَايٌ، مَدِينَةٌ مَعْرُوفَةٌ بِأَرْضِ فَارِسَ بِقُرْبِ عِرَاقِ الْعَرَبِ، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ أَنَّ سَلْمَانَ كَانَ مِنْ أَصْبَهَانَ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِاعْتِبَارَيْنِ.
قَوْلُهُ: (فَتْرَةً بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ سِتُّمِائَةِ سَنَةٍ) وَالْمُرَادُ بِالْفَتْرَةِ الْمُدَّةُ الَّتِي لَا يُبْعَثُ فِيهَا رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُنَبَّأَ فِيهَا مَنْ يَدْعُو إِلَى شَرِيعَةِ الرَّسُولِ الْأَخِير، وَنَقَلَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ الِاتِّفَاقَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ حَدِيثُ سَلْمَانَ هَذَا، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ مَنْقُولٌ، فَعَنْ قَتَادَةَ خَمْسُمِائَةٍ وَسِتِّينَ سَنَةً أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ عَنْهُ، وَعَنِ الْكَلْبِيِّ خَمْسُمِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ، وَقِيلَ: أَرْبَعُمِائَةِ سَنَةٍ. وَوَجْهُ تَعَلُّقِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ بِإِسْلَامِ سَلْمَانَ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي وَرَدَتْ فِي سِيَاقِ قِصَّتِهِ مَا هِيَ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ فِي الصَّحِيحِ، وَإِنْ كَانَ إِسْنَادُ بَعْضِهَا صَالِحًا، وَأَمَّا أَحَادِيثُ الْبَابِ فَمُحَصَّلُهَا أَنَّهُ أَسْلَمَ بَعْدَ أَنْ تَدَاوَلَهُ جَمَاعَةٌ بِالرِّقِّ،