الِاسْتِصْحَاءَ وَالْغَرَضُ مِنْهُ ضَحِكُهُ ﷺ عِنْدَ قَوْلِهِ غَرِقْنَا أَوْرَدَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْ قَتَادَةَ، وَسَاقَهُ هُنَا عَلَى لَفْظِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، وَسَاقَهُ فِي الدَّعَوَاتِ عَلَى لَفْظِ أَبِي عَوَانَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ شَيْخُهُ هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُنَانيُّ الْبَصْرِيُّ، وَهُوَ غَيْرُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الَّذِي لَقِيَهُ مَحْبُوبٌ، وَوَهِمَ مَنْ وَحَّدَهُمَا كَشَيْخِنَا ابْنُ الْمُلَقِّنِ فَإِنَّهُ جَزَمَ بِذَلِكَ وَزَعَمَ أَنَّ الْبُخَارِيَّ رَوَى عَنْهُ هُنَا، وَرَوَى عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُمَا اثْنَانِ أَحَدُهُمَا فِي عِدَادِ شُيُوخِ الْآخَرِ، وَشَيْخُ الْبُخَارِيِّ اسْمُهُ مُحَمَّدُ وَاسْمُ أَبِيهِ مَحْبُوبٌ، وَالْآخَرُ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ وَاسْمُ أَبِيهِ الْحَسَنُ، وَمَحْبُوبٌ لَقَبُ مُحَمَّدٍ لَا لَقَبُ الْحَسَنِ، وَقَدْ أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ حَدِيثًا وَاحِدًا قَالَ فِيهِ: حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ الْحَسَنِ وَسَبَبُ الْوَهْمِ أَنَّهُ وَقَعَ فِي بَعْضِ الْأَسَانِيدِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مَحْبُوبٌ فَظَنُّوا أَنَّهُ لَقَبُ الْحَسَنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
٦٩ - بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾
وَمَا يُنْهَى عَنْ الْكَذِبِ
٦٠٩٤ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ﵁، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا، وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا.
٦٠٩٥ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ نَافِعِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال: "آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ".
٦٠٩٦ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ ﵁ قَالَ قال النبي ﷺ: "رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي قَالَا الَّذِي رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ يَكْذِبُ بِالْكَذْبَةِ تُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الْآفَاقَ فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ".
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ وَمَا يُنْهَى عَنِ الْكَذِبِ) قَالَ الرَّاغِبُ: أَصْلُ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فِي الْقَوْلِ مَاضِيًا كَانَ أَوْ مُسْتَقْبَلًا وَعْدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَلَا يَكُونَانِ بِالْقَصْدِ الْأَوَّلِ إِلَّا فِي الْخَبَرِ، وَقَدْ يَكُونَانِ فِي غَيْرِهِ كَالِاسْتِفْهَامِ وَالطَّلَبِ، وَالصِّدْقُ مُطَابَقَةُ الْقَوْلِ الضَّمِيرَ وَالْمُخْبَرَ عَنْهُ، فَإِنِ انْخَرَمَ شَرْطٌ لَمْ يَكُنْ صِدْقًا، بَلْ إِمَّا أَنْ يَكُونَ كَذِبًا أَوْ مُتَرَدِّدًا بَيْنَهُمَا عَلَى اعْتِبَارَيْنِ، كَقَوْلِ الْمُنَافِقِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ صَدَقَ لِكَوْنِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ كَذَلِكَ، ويَصِحُّ أَنْ يُقَالَ كَذَبَ لِمُخَالَفَةِ قَوْلِهِ لِضَمِيرِهِ. وَالصِّدِّيقُ مَنْ كَثُرَ مِنْهُ الصِّدْقُ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ فِي كُلِّ مَا يَحِقُّ فِي الِاعْتِقَادِ، وَيَحْصُلُ نَحْوَ صَدَقَ ظَنِّي، وَفِي الْفِعْلِ نَحْوَ صَدَقَ فِي الْقِتَالِ، وَمِنْهُ ﴿قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾ اهـ مُلَخَّصًا. وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: اخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ مَعَ الصَّادِقِينَ فَقِيلَ: مَعْنَاهُ مِثْلَهُمْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute