قَوْلُهُ: (وَقَالَ: غَيْرُهُ ﴿مُتَشَاكِسُونَ﴾ الرَّجُلُ الشَّكِسُ الْعَسِرُ لَا يَرْضَى بِالْإِنْصَافِ. ﴿وَرَجُلا سَلَمًا﴾ وَيُقَالُ سَالِمًا: صَالِحًا) سَقَطَ وَقَالَ غَيْرُهُ لِأَبِي ذَرٍّ فَصَارَ كَأَنَّهُ مِنْ بَقَايَا كَلَامِ مُجَاهِدٍ. وَلِلنَّسَفِيِّ وَقَالَ بِغَيْرِ ذِكْرِ الْفَاعِلِ، وَالصَّوَابُ مَا عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَهُوَ كَلَامُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: الشَّكِسُ: الْعَسِرُ لَا يَرْضَى بِالْإِنْصَافِ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ. وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ﴾ هُوَ مِنَ الرَّجُلِ الشَّكِسِ، (وَرَجُلًا سَالِمًا) الرَّجُلُ سَالِمٌ وَسَلَمٌ وَاحِدٌ وَهُوَ مِنَ الصُّلَّحِ.
(تَنْبِيهٌ): قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو سَالِمًا وَالْبَاقُونَ سَلَمًا بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَفِي الشَّوَاذِّ بِكَسْرِهِ، وَهُمَا مَصْدَرَانِ وُصِفَ بِهِمَا عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ وَاقِعٌ مَوْقِعَ اسْمِ الْفَاعِلِ وَهُوَ أَوْلَى لِيُوَافِقَ الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى، وَعَلَيْهِ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ الْمَذْكُورِ أَنَّهُمَا وَاحِدٌ أَيْ بِمَعْنًى. وَقَوْلُهُ الشَّكِسُ بِكَسْرِ الْكَافِ وَيَجُوزُ إِسْكَانُهَا هُوَ السَّيِّئُ الْخُلُقِ، وَقِيلَ: مَنْ كَسَرَ الْكَافَ فَتَحَ أَوَّلَهُ وَمَنْ سَكَّنَهَا كَسَرَ وَهُمَا بِمَعْنًى.
قَوْلُهُ: ﴿اشْمَأَزَّتْ﴾ نَفَرَتْ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ﴾: تَقُولُ الْعَرَبُ اشْمَأَزَّ قَلْبِي عَنْ فُلَانٍ أَيْ نَفَرَ، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ: ﴿اشْمَأَزَّتْ﴾ أَيْ نَفَرَتْ، وَمِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ قَالَ: انْقَبَضَتْ.
قَوْلُهُ: ﴿بِمَفَازَتِهِمْ﴾ مِنَ الْفَوْزِ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ﴾ أَيْ بِنَجَاتِهِمْ وَهُوَ مِنَ الْفَوْزِ، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ: ﴿وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ﴾ أَيْ: بِفَضَائِلِهِمْ.
قَوْلُهُ: ﴿حَافِّينَ﴾ أَطَافُوا بِهِ مُطِيفِينَ بِحِفَافِيهِ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَفَاءَيْنِ الْأُولَى خَفِيفَةٌ، وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِيِّ بِجَانِبَيْهِ، وَفِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ، وَالْأَصِيلِيِّ بِجَوَانِبِهِ، وَلِلنَّسَفِيِّ بِحَافَّتِهِ بِجَوَانِبِهِ، وَالصَّوَابُ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِ، وَهُوَ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ﴾ طَافُوا بِهِ بِحِفَافِيهِ، وَرِوَايَةُ الْمُسْتَمْلِيِّ بِالْمَعْنَى.
قَوْلُهُ: ﴿مُتَشَابِهًا﴾ لَيْسَ مِنَ الِاشْتِبَاهِ وَلَكِنْ يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا فِي التَّصْدِيقِ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ ﴿مُتَشَابِهًا﴾ قَالَ: يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا. وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: ﴿كِتَابًا مُتَشَابِهًا﴾ قَالَ: يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَيَدُلُّ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ نَحْوُهُ. وَقَوْلُهُ: ﴿مَثَانِيَ﴾ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا لِقَوْلِهِ مُتَشَابِهًا لِأَنَّ الْقِصَصَ الْمُتَكَرِّرَةَ تَكُونُ مُتَشَابِهَةٌ، وَالْمَثَانِي جَمْعُ مَثْنَى بِمَعْنَى مُكَرَّرٍ، لِمَا أُعِيدَ فِيهِ مِنْ قَصَصٍ وَغَيْرِهَا
١ - بَاب ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾
٤٨١٠ - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ يَعْلَى: إِنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا، وَزَنَوْا وَأَكْثَرُوا، فَأَتَوْا مُحَمَّدًا ﷺ فَقَالُوا: إِنَّ الَّذِي تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ، لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً. فَنَزَلَ: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ﴾ وَنَزَلَ: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ﴾
قَوْلُهُ (بَابُ قَوْلِهِ: ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ﴾ الْآيَةَ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ