قَبْلَ الْإِيلَاجِ لَمْ يَجِبِ الْغُسْلُ بِالْإِجْمَاعِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ إِيجَابَ الْغُسْلِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِنْزَالِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْجَهْدِ الْإِنْزَالُ ; لِأَنَّهُ هُوَ الْغَايَةُ فِي الْأَمْرِ فَلَا يَكُونُ فِيهِ دَلِيلٌ، وَالْجَوَابُ أَنَّ التَّصْرِيحَ بِعَدَمِ
التَّوَقُّفِ عَلَى الْإِنْزَالِ قَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، فَانْتَفَى الِاحْتِمَالُ، فَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ، عَنِ الْحَسَنِ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ: وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ قَتَادَةِ أَيْضًا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي تَارِيخِهِ عَنْ عَفَّانَ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، وَأَبَانُ قَالَا: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ بِهِ، وَزَادَ فِي آخِرِهِ: أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ وَكَذَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ عَفَّانَ، وَكَذَا ذَكَرَهَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ.
قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ عَمْرٌو) أَيِ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَصَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَقَدْ رَوَيْنَا حَدِيثَهُ مَوْصُولًا فِي فَوَائِدِ عُثْمَانَ بْنِ أَحْمَدَ السَّمَّاكِ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ فَذَكَرَ مِثْلَ سِيَاقِ حَدِيثِ الْبَابِ، لَكِنْ قَالَ: وَأَجْهَدَهَا وَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ شُعْبَةَ رَوَاهُ عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ لَا عَنِ الْحَسَنِ نَفْسِهِ، وَالضَّمِيرُ فِي تَابَعَهُ يَعُودُ عَلَى هِشَامٍ لَا عَلَى قَتَادَةَ.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ الشَّيْخِ مُغَلْطَايْ أَنَّ رِوَايَةَ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ هَذِهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ جِبِلَّةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ، وَابْنِ أَبِي عَدِيٍّ كِلَاهُمَا عَنْ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ شُعْبَةَ، وَتَبِعَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ غَلَطٌ فَإِنَّ ذِكْرَ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ فِي إِسْنَادِ مُسْلِمٍ زِيَادَةٌ، بَلْ لَمْ يُخَرِّجْ مُسْلِمٌ، لِعَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ شَيْئًا.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُوسَى) أَيِ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ (حَدَّثَنَا) وَلِلْأَصِيلِيِّ أَخْبَرَنَا (أَبَانُ) وَهُوَ ابْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، وَأَفَادَتْ رِوَايَتُهُ التَّصْرِيحَ بِتَحْدِيثِ الْحَسَنِ لِقَتَادَةَ، وَقَرَأْتُ بِخَطِّ مُغَلْطَايْ أَيْضًا أَنَّ رِوَايَةَ مُوسَى هَذِهِ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ أَخْرَجَهَا مِنْ طَرِيقِ عَفَّانَ، وَهَمَّامٍ كِلَاهُمَا عَنْ مُوسَى، عَنْ أَبَانَ، وَهُوَ تَخْلِيطٌ تَبِعَهُ عَلَيْهِ أَيْضًا بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَإِنَّمَا أَخْرَجَهَا الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَفَّانَ، عَنْ هَمَّامٍ، وَأَبَانَ جَمِيعًا عَنْ قَتَادَةَ، فَهَمَّامٌ شَيْخُ عَفَّانَ لَا رَفِيقُهُ، وَأَبَانُ رَفِيقُ هَمَّامٍ لَا شَيْخُ شَيْخِهِ، وَلَا ذِكْرَ لِمُوسَى فِيهِ أَصْلًا، بَلْ عَفَّانُ رَوَاهُ عَنْ أَبَانَ كَمَا رَوَاهُ عَنْهُ مُوسَى فَهُوَ رَفِيقُهُ لَا شَيْخُهُ، وَاللَّهُ الْهَادِي إِلَى الصَّوَابِ.
(تَنْبِيهٌ): زَادَ هُنَا فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ: هَذَا أَجْوَدُ وَأَوْكَدُ وَإِنَّمَا بَيَّنَّا. . إِلَى آخِرِ الْكَلَامِ الْآتِي فِي آخِرِ الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٢٩ - بَاب غَسْلِ مَا يُصِيبُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ
٢٩٢ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَن الْحُسَيْنِ قَالَ يَحْيَى وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَلَمْ يُمْنِ؟ قَالَ عُثْمَانُ: يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ، قَالَ عُثْمَانُ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ، وَطَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ ﵃، فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ، قَالَ يَحْيَى: وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
قَوْلُهُ: (بَابُ غَسْلِ مَا يُصِيبُ) أَيِ الرَّجُلُ (مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ) أَيْ مِنْ رُطُوبَةٍ وَغَيْرِهَا.
قَوْلُهُ: (عَنِ الْحُسَيْنِ) زَادَ أَبُو ذَرٍّ الْمُعَلِّمِ.
قَوْلُهُ: (قَالَ يَحْيَى) هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ أَيْ قَالَ الْحُسَيْنُ قَالَ يَحْيَى وَلَفْظُ قَالَ الْأُولَى تُحْذَفُ فِي الْخَطِّ عُرْفًا.
قَوْلُهُ: (وَأَخْبَرَنِي) هُوَ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ، أَيْ أَخْبَرَنِي بِكَذَا، وَأَخْبَرَنِي بِكَذَا. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بِحَذْفِ الْوَاوِ، قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لَمْ يَسْمَعْهُ الْحُسَيْنُ مِنْ يَحْيَى؛ فَلِهَذَا قَالَ قَالَ يَحْيَى كَذَا ذَكَرَهُ وَلَمْ يَأْتِ بِدَلِيلٍ. وَقَدْ