للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قِيلَ: الْمُرَادُ بِالْقُرْآنِ الْقِرَاءَةُ، وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ الْجَمْعُ وَكُلُّ شَيْءٍ جَمَعْتَهُ فَقَدْ قَرَأْتَهُ، وَقِيلَ الْمُرَادُ الزَّبُورُ، وَقِيلَ التَّوْرَاةُ، وَقِرَاءَةُ كُلِّ نَبِيٍّ تُطْلَقُ عَلَى كِتَابِهِ الَّذِي أُوحِيَ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا سَمَّاهُ قُرْآنًا لِلْإِشَارَةِ إِلَى وُقُوعِ الْمُعْجِزَةِ بِهِ كَوُقُوعِ الْمُعْجِزَةِ بِالْقُرْآنِ أَشَارَ إِلَيْهِ صَاحِبُ الْمَصَابِيحِ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ، وَإِنَّمَا تَرَدَّدُوا بَيْنَ الزَّبُورِ وَالتَّوْرَاةِ لِأَنَّ الزَّبُورَ كُلَّهُ مَوَاعِظُ، وَكَانُوا يَتَلَقَّوْنَ الْأَحْكَامَ مِنَ التَّوْرَاةِ. قَالَ قَتَادَةُ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ الزَّبُورَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ سُورَةً كُلُّهَا مَوَاعِظُ وَثَنَاءٌ، لَيْسَ فِيهِ حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ وَلَا فَرَائِضُ وَلَا حُدُودٌ، بَلْ كَانَ اعْتِمَادُهُ عَلَى التَّوْرَاةِ، أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْبَرَكَةَ قَدْ تَقَعُ فِي الزَّمَنِ الْيَسِيرِ حَتَّى يَقَعَ فِيهِ الْعَمَلُ الْكَثِيرُ. قَالَ النَّوَوِيُّ: أَكْثَرُ مَا بَلَغَنَا مِنْ ذَلِكَ مَنْ كَانَ يَقْرَأُ أَرْبَعَ خَتَمَاتٍ بِاللَّيْلِ وَأَرْبَعًا بِالنَّهَارِ، وَقَدْ بَالَغَ بَعْضُ الصُّوفِيَّةِ فِي ذَلِكَ فَادَّعَى شَيْئًا مُفْرِطًا، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ.

قَوْلُهُ: (بِدَوَابِّهِ) فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ الْآتِيَةِ بِدَابَّتِهِ بِالْإِفْرَادِ، وَكَذَا هُوَ فِي التَّفْسِيرِ، وَيُحْمَلُ الْإِفْرَادُ عَلَى الْجِنْسِ، أَوِ الْمُرَادُ بِهَا مَا يَخْتَصُّ بِرُكُوبِهِ، وَبِالْجَمْعِ مَا يُضَافُ إِلَيْهَا مِمَّا يَرْكَبُهُ أَتْبَاعُهُ.

قَوْلُهُ: (فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَبْلَ أَنْ تُسْرَجَ) فِي رِوَايَةِ مُوسَى فَلَا تُسْرَجُ حَتَّى يَقْرَأَ الْقُرْآنَ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَأْكُلُ إِلَّا مِنْ عَمَلِ يَدِهِ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ وَأَنَّ فِيهِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ الْمَكَاسِبِ، وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْإِجَارَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ عَمَلَ الْيَدِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِلْغَيْرِ أَوْ لِلنَّفْسِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ دَاوُدُ بِيَدِهِ هُوَ نَسْجُ الدُّرُوعِ، وَأَلَانَ اللَّهُ لَهُ الْحَدِيدَ، فَكَانَ يَنْسِجُ الدُّرُوعَ وَيَبِيعُهَا وَلَا يَأْكُلُ إِلَّا مِنْ ثَمَنِ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِ كَانَ مِنْ كِبَارِ الْمُلُوكِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ﴾ وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَأَنَّهُ مَعَ سَعَتِهِ بِحَيْثُ إنَّهُ كَانَ لَهُ دَوَابٌّ تُسْرَجُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَبَ وَيَتَوَلَّى خِدْمَتَهَا غَيْرُهُ، وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ يَتَوَرَّعُ وَلَا يَأْكُلُ إِلَّا مِمَّا يَعْمَلُ بِيَدِهِ.

قَوْلُهُ: (رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ إِلَخْ) وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ - وَهُوَ حَفْصُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ.

٣٤١٨ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ أَخْبَرَهُ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو قَالَ: أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ أَنِّي أَقُولُ: وَاللَّهِ لَأَصُومَنَّ النَّهَارَ، وَلَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ : أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ: وَاللَّهِ لَأَصُومَنَّ النَّهَارَ وَلَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ؟ قُلْتُ: قَدْ قُلْتُهُ، قَالَ: إِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، وَصُمْ مِنْ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ، فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ، قَالَ: قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، وَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ، وَهُوَ أَعْدَلُ الصِّيَامِ، قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ.

الْحَدِيثُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ حَدَيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي مُرَاجَعَةِ النَّبِيِّ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ وَصِيَامِ النَّهَارِ، أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ قَوْلُهُ: صِيَامُ دَاوُدَ.

٣٨ - بَاب أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ

كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا

قَالَ عَلِيٌّ: وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ، مَا أَلْفَاهُ السَّحَرُ عِنْدِي إِلَّا نَائِمًا

٣٤٢٠ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ : أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ.

قَوْلُهُ: (بَابُ أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ إِلَخْ) يُشِيرُ إِلَى الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ.

قَوْلُهُ: (قَالَ عَلِيٌّ: هُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ مَا أَلْفَاهُ السَّحَرُ عِنْدِي إِلَّا نَائِمًا) هَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي، وَالْكُشْمِيهَنِيِّ، وَأَمَّا غَيْرُهُمَا فَذَكَرَ الطَّرِيقَ الثَّالِثَةَ مَضْمُومَةً إِلَى مَا قَبْلَهُ دُونَ الْبَابِ وَدُونَ قَوْلِ عَلِيٍّ، وَلَمْ أَرَهُ مَنْسُوبًا، وَأَظُنُّهُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ شَيْخَ الْبُخَارِيِّ،