للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ: الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لِلِاسْتِغْرَاقِ.

قَوْلُهُ: (بِمِثْلِهَا) زَادَ مُسْلِمٌ، وَإِسْحَاقُ، وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي رِوَايَتِهِمْ: حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ ﷿.

٣٢ - بَاب أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ ﷿ أَدْوَمُهُ

٤٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا امْرَأَةٌ، قَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَتْ: فُلَانَةُ - تَذْكُرُ مِنْ صَلَاتِهَا - قَالَ: مَهْ، عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ، فَوَاللَّهِ لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا. وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَادَامَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ.

[الحديث ٤٣ - في: ١١٥١]

قَوْلُهُ: (بَابُ أَحَبِّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ) مُرَادُ الْمُصَنِّفِ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ يُطْلَقُ عَلَى الْأَعْمَالِ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالدِّينِ هُنَا الْعَمَلُ، وَالدِّينُ الْحَقِيقِيُّ هُوَ الْإِسْلَامُ، وَالْإِسْلَامُ الْحَقِيقِيُّ مُرَادِفٌ لِلْإِيمَانِ، فَيَصِحُّ بِهَذَا مَقْصُودُهُ. وَمُنَاسَبَتُهُ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ: عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ لِأَنَّهُ لَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَحْسُنُ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ أَرَادَ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ جِهَادَ النَّفْسِ فِي ذَلِكَ إِلَى حَدِّ الْمُغَالَبَةِ غَيْرُ مَطْلُوبٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ الدِّينُ يُسْرٌ وَفِي هَذَا مَا لَيْسَ فِي ذَاكَ عَلَى مَا سَنُوَضِّحُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنْ هِشَامٍ هُوَ ابْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ مَنْ هَذِهِ) لِلْأَصِيلِيِّ قَالَ مَنْ هَذِهِ بِغَيْرِ فَاءٍ، وَيُوَجَّهُ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ: مَاذَا قَالَ حِينَ دَخَلَ؟ قَالَتْ: قَالَ مَنْ هَذِهِ.

قَوْلُهُ: (قُلْتُ فُلَانَةُ) هَذِهِ اللَّفْظَةُ كِنَايَةٌ عَنْ كُلِّ عَلَمٍ مُؤَنَّثٍ فَلَا يَنْصَرِفُ، زَادَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هِشَامٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَسَنَةُ الْهَيْئَةِ.

قَوْلُهُ: (تَذْكُرُ) بِفَتْحِ التَّاءِ الْفَوْقَانِيَّةِ، وَالْفَاعِلُ عَائِشَةُ. وَرُوِيَ بِضَمِّ الْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، أَيْ: يَذْكُرُونَ أَنَّ صَلَاتَهَا كَثِيرَةٌ. وَلِأَحْمَدَ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ لَا تَنَامُ، تُصَلِّي وَلِلْمُصَنِّفِ فِي كِتَابِ صَلَاةِ اللَّيْلِ مُعَلَّقًا عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامٍ، وَهُوَ مَوْصُولٌ فِي الْمُوَطَّأِ لِلْقَعْنَبِيِّ وَحْدَهُ فِي آخِرِهِ لَا تَنَامُ بِاللَّيْلِ وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهَا مِنْ بَنِي أَسَدٍ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا الْحَوْلَاءُ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمَدِّ وَهُوَ اسْمُهَا بِنْتُ تُوَيْتٍ بِمُثَنَّاتَيْنِ مُصَغَّرًا ابْنِ حَبِيبٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ ابْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى مِنْ رَهْطِ خَدِيجَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ، وَفِي رِوَايَتِهِ أَيْضًا وَزَعَمُوا أَنَّهَا لَا تَنَامُ اللَّيْلَ وَهَذَا يُؤَيِّدُ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ فِي أَنَّهَا نُقِلَتْ عَنْ غَيْرِهَا. فَإِنْ قِيلَ وَقَعَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ حَدِيثُ هِشَامٍ دَخَلَ عَلَيْهَا وَهِيَ عِنْدَهَا، وَفِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ الْحَوْلَاءَ مَرَّتْ بِهَا فَظَاهِرُهُ التَّغَايُرُ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْمَارَّةُ امْرَأَةً غَيْرَهَا مِنْ بَنِي أَسَدٍ أَيْضًا أَوْ أَنَّ قِصَّتَهَا تَعَدَّدَتْ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ، وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ هِشَامٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَفْظُهُ مَرَّتْ بِرَسُولِ اللَّهِ الْحَوْلَاءُ بِنْتُ تُوَيْتٍ أَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ فِي كِتَابِ قِيَامِ اللَّيْلِ لَهُ، فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ أَوَّلًا عِنْدَ عَائِشَةَ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ قَامَتِ الْمَرْأَةُ كَمَا فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ الْآتِيَةِ، فَلَمَّا قَامَتْ لِتَخْرُجَ مَرَّتْ بِهِ فِي خِلَالِ ذَهَابِهَا فَسَأَلَ عَنْهَا، وَبِهَذَا تَجْتَمِعُ الرِّوَايَاتُ.

(تَنْبِيهٌ): قَالَ ابْنُ التِّينِ: لَعَلَّهَا أَمِنَتْ عَلَيْهَا الْفِتْنَةَ فَلِذَلِكَ مَدَحَتْهَا فِي وَجْهِهَا. قُلْتُ: لَكِنَّ رِوَايَةَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مَا ذَكَرَتْ ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ أَنْ خَرَجَتِ الْمَرْأَةُ، أَخْرَجَهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِهِ وَلَفْظُهُ: كَانَتْ عِنْدِي امْرَأَةٌ، فَلَمَّا قَامَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : مَنْ هَذِهِ يَا عَائِشَةُ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ فُلَانَةُ، وَهِيَ أَعْبَدُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ،