٥٠ - بَاب الصَّلَاةِ فِي مَوَاضِعِ الْإِبِلِ
٤٣٠ - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَلِّي إِلَى بَعِيرِهِ وَقَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَفْعَلُهُ.
[الحديث ٤٣٠ - طرفه في: ٥٠٧]
قَوْلُهُ: (بَابُ الصَّلَاةِ فِي مَوَاضِعِ الْإِبِلِ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ لَيْسَتْ عَلَى شَرْطِهِ، لَكِنْ لَهَا طُرُقٌ قَوِيَّةٌ: مِنْهَا حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ، وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، وَحَدِيثُ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ عَند ابْنِ مَاجَهْ، وَفِي مُعْظَمِهَا التَّعْبِيرُ بِمَعَاطِنِ الْإِبِلِ. وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، وَالْبَرَاءِ مَبَارِكُ الْإِبِلِ، وَمِثْلُهُ فِي حَدِيثِ سُلَيْكٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ، وَفِي حَدِيثِ سَبْرَةَ وَكَذَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ أَعْطَانُ الْإِبِلِ وَفِي حَدِيثِ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مُنَاخُ الْإِبِلِ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عند، أَحْمَدَ مَرَابِدُ الْإِبِلِ، فَعَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْمَوَاضِعِ؛ لِأَنَّهَا أَشْمَلُ، وَالْمَعَاطِنُ أَخَصُّ مِنَ الْمَوَاضِعِ؛ لِأَنَّ الْمَعَاطِنَ مَوَاضِعُ إِقَامَتِهَا عِنْدَ الْمَاءِ خَاصَّةً.
وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ النَّهْيَ خَاصٌّ بِالْمَعَاطِنِ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الْأَمَاكِنِ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا الْإِبِلُ، وَقِيلَ: هُوَ مَأْوَاهَا مُطْلَقًا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي عَنْ أَحْمَدَ، وَقَدْ نَازَعَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ الْمُصَنِّفَ فِي اسْتِدْلَالِهِ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ الصَّلَاةِ إِلَى الْبَعِيرِ وَجَعْلِهِ سُتْرَةً عَدَمُ كَرَاهِيَةِ الصَّلَاةِ فِي مَبْرَكِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَهُ الْإِشَارَةُ إِلَى مَا ذُكِرَ مِنْ عِلَّةِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَهِيَ كَوْنُهَا مِنَ الشَّيَاطِينِ كَمَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ فَإِنَّهَا خُلِقَتْ مِنَ الشَّيَاطِينِ، وَنَحْوُهُ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: لَوْ كَانَ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ لَامْتَنَعَ مِثْلُهُ فِي جَعْلِهَا أَمَامَ الْمُصَلِّي، وَكَذَلِكَ صَلَاةُ رَاكِبِهَا، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ ﷺ كَانَ يُصَلِّي النَّافِلَةَ وَهُوَ عَلَى بَعِيرِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَبْوَابِ الْوِتْرِ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْوَاحِدِ مِنْهَا وَبَيْنَ كَوْنِهَا مُجْتَمِعَةً لِمَا طُبِعَتْ عَلَيْهِ مِنَ النِّفَارِ الْمُفْضِي إِلَى تَشْوِيشِ قَلْبِ الْمُصَلِّي، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَرْكُوبِ مِنْهَا أَوْ إِلَى جِهَةِ وَاحِدٍ مَعْقُولٍ، وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي أَبْوَابِ سُتْرَةِ الْمُصَلِّي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَقِيلَ: عِلَّةُ النَّهْيِ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ بِأَنَّ عَادَةَ أَصْحَابِ الْإِبِلِ التَّغَوُّطُ بِقُرْبِهَا فَتُنَجَّسُ أَعْطَانُهَا وَعَادَةَ أَصْحَابِ الْغَنَمِ تَرْكُهُ، حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ، عَنْ شَرِيكٍ وَاسْتَبْعَدَهُ، وَغَلِطَ أَيْضًا مَنْ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِ مَا يَكُونُ فِي مَعَاطِنِهَا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَرْوَاثِهَا؛ لِأَنَّ مَرَابِضَ الْغَنَمِ تَشْرَكُهَا فِي ذَلِكَ، وَقَالَ: إِنَّ النَّظَرَ يَقْتَضِي عَدَمَ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَصْحَابِهِ. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمُصَرِّحَةِ بِالتَّفْرِقَةِ فَهُوَ قِيَاسٌ فَاسِدُ الِاعْتِبَارِ، وَإِذَا ثَبَتَ الْخَبَرُ بَطَلَتْ مُعَارَضَتُهُ بِالْقِيَاسِ اتِّفَاقًا، لَكِنْ جَمَعَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ بَيْنَ عُمُومِ قَوْلِهِ: جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَبَيْنَ أَحَادِيثِ الْبَابِ بِحَمْلِهَا عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ وَهَذَا أَوْلَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَكْمِلَةٌ): وَقَعَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَلَا يُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ، فَلَوْ ثَبَتَ لَأَفَادَ أَنَّ حُكْمَ الْبَقَرِ حُكْمُ الْإِبِلِ، بِخِلَافِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّ الْبَقَرَ فِي ذَلِكَ كَالْغَنَمِ.
٥١ - باب مَنْ صَلَّى وَقُدَّامَهُ تَنُّورٌ أَوْ نَارٌ أَوْ شَيْءٌ مِمَّا يُعْبَدُ فَأَرَادَ بِهِ اللَّهَ
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: عُرِضَتْ عَلَيَّ النَّارُ وَأَنَا أُصَلِّي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute