للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَقِبَ قَوْلِ الْمُلَاعِنِ: هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَأَنَّهُ مَوْجُودٌ كَذَلِكَ فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الَّذِي شَرَحَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ قَوْلَهُ: لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا، لَمْ يَقَعْ فِي حَدِيثِ سَهْلٍ، وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَقِبَ قَوْلِهِ: اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا وَفِيهِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَالِي الْحَدِيثَ، كَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا إِنَّمَا اسْتَدَلَّ مَنِ اسْتَدَلَّ بِهِ مِنْ أَصْحَابْنَا لِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ بِنَفْسِ الطَّلَاقِ مِنْ عُمُومِ لَفْظِهِ لَا مِنْ خُصُوصِ السِّيَاقِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَكَانَتْ سُنَّةُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ) زَادَ أَبُو دَاوُدَ، عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، عَنْ مَالِكٍ فَكَانَتْ تِلْكَ وَهِيَ إِشَارَةٌ إِلَى الْفُرْقَةِ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي الْبَابِ بَعْدَهُ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ فَرَغَا مِنَ التَّلَاعُنِ، فَفَارَقَهَا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: ذَلِكَ تَفْرِيقٌ بَيْنَ كُلِّ مُتَلَاعِنَيْنِ كَذَا لِلْمُسْتَمْلِي، وَلِلْبَاقِينَ فَكَانَ ذَلِكَ تَفْرِيقًا، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ فَصَارَ بَدَلَ فَكَانَ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ بِلَفْظِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ذَلِكَ التَّفْرِيقُ بَيْنَ كُلِّ مُتَلَاعِنَيْنِ وَهُوَ يُؤَيِّدُ رِوَايَةَ الْمُسْتَمْلِي، وَمِنْ طَرِيقِ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ، قَالَ مُسْلِمٌ: لَكِنْ أُدْرِجَ قَوْلُهُ: وَكَانَ فِرَاقُهُ إِيَّاهَا بَعْدُ سُنَّةً بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَكَذَا ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ اخْتِلَافَ الرُّوَاةِ عَلَى ابْنِ شِهَابٍ ثُمَّ عَلَى مَالِكٍ فِي تَعْيِينِ مَنْ قَالَ: فَكَانَ فِرَاقُهَا سُنَّةً هَلْ هُوَ مِنْ قَوْلِ سَهْلٍ أَوْ مِنْ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ، وَذَكَرَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ نِسْبَتَهُ إِلَى ابْنِ شِهَابٍ لَا تَمْنَعُ نِسْبَتَهُ إِلَى سَهْلٍ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْفِهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلٍ قَالَ: فَطَلَّقَهَا ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأَنْفَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَكَانَ مَا صُنِعَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ سُنَّةً قَالَ سَهْلٌ: حَضَرْتُ هَذَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ،

فَمَضَتِ السُّنَّةُ بَعْدُ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا فَقَوْلُهُ: فَمَضَتِ السُّنَّةُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ مِنْ تَمَامِ قَوْلِ سَهْلٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ كَمَا فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ أَوْرَدَ قَوْلَ ابْنِ شِهَابٍ فِي ذَلِكَ بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ سَهْلٍ فَقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ ذَلِكَ تَفْرِيقٌ بَيْنَ كُلِّ مُتَلَاعِنَيْنِ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ كَانَتِ السُّنَّةُ بَعْدَهَما أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، ثُمَّ وَجَدْتُ فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ في آخِرَ الْحَدِيثِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَوْلُهُ ذَلِكَ تَفْرِيقٌ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ وَلَيْسَ مِنَ الْحَدِيثِ. انْتَهَى، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ سِيَاقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ رَأَى أَنَّهُ مُدْرَجٌ فَنَبَّهَ عَلَيْهِ.

٣٠ - بَاب التَّلَاعُنِ فِي الْمَسْجِدِ

٥٣٠٩ - حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ الْمُلَاعَنَةِ، وَعَنْ السُّنَّةِ فِيهَا، عَنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَخِي بَنِي سَاعِدَةَ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي شَأْنِهِ مَا ذَكَرَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَمْرِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ قَدْ قَضَى اللَّهُ فِيكَ وَفِي امْرَأَتِكَ، قَالَ: فَتَلَاعَنَا فِي الْمَسْجِدِ وَأَنَا شَاهِدٌ، فَلَمَّا فَرَغَا قَالَ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ فَرَغَا مِنْ التَّلَاعُنِ، فَفَارَقَهَا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: ذَاكَ تَفْرِيقٌ بَيْنَ كُلِّ مُتَلَاعِنَيْنِ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَكَانَتْ السُّنَّةُ بَعْدَهُمَا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، وَكَانَتْ حَامِلًا، وَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى لِأُمِّهِ، قَالَ: ثُمَّ جَرَتْ السُّنَّةُ فِي مِيرَاثِهَا أَنَّهَا تَرِثُهُ