للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حُصَيْنُ بْنُ عَوْفٍ الْخَثْعَمِيُّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبِي أَدْرَكَهُ الْحَجُّ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَحُجَّ الْحَدِيثَ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - يَعْنِي الْبُخَارِيَّ - عَنْ هَذَا فَقَالَ: أَصَحُّ شَيْءٍ فِيهِ مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ، قَالَ: فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَمِعَهُ مِنَ الْفَضْلِ وَمِنْ غَيْرِهِ، ثُمَّ رَوَاهُ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ، اهـ. وَإِنَّمَا رَجَّحَ الْبُخَارِيُّ الرِّوَايَةَ عَنِ الْفَضْلِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ رِدْفَ النَّبِيِّ حِينَئِذٍ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ إِلَى مِنًى مَعَ الضَّعَفَةِ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ، وَقَدْ سَبَقَ فِي بَابِ التَّلْبِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ أَرْدَفَ الْفَضْلَ فَأَخْبَرَ الْفَضْلُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ، فَكَأَنَّ الْفَضْلَ حَدَّثَ أَخَاهُ بِمَا شَاهَدَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سُؤَالُ الْخثْعَمِيَّةِ وَقَعَ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَحَضَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَنَقَلَهُ تَارَةً عَنْ أَخِيهِ لِكَوْنِهِ صَاحِبَ الْقِصَّةِ، وَتَارَةً عَمَّا شَاهَدَهُ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا وَقَعَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ، وَأَحْمَدَ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ، وَالطَّبَرِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّؤَالَ الْمَذْكُورَ وَقَعَ عِنْدَ الْمَنْحَرِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الرَّمْيِ، وَأَنَّ الْعَبَّاسَ كَانَ شَاهِدًا، وَلَفْظُ أَحْمَدَ عِنْدَهُمْ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ بِعَرَفَةَ فَقَالَ: هَذِهِ عَرَفَةُ وَهُوَ الْمَوْقِفُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: ثُمَّ أَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا، ثُمَّ أَتَى الْمَنْحَرَ فَقَالَ: هَذَا الْمَنْحَرُ، وَكُلُّ مِنًى مَنْحَرٌ، وَاسْتَفْتَتْهُ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ: ثُمَّ جَاءَتْهُ جَارِيَةٌ شَابَّةٌ مِنْ خَثْعَمَ فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ أَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الْحَجِّ، أَفَيُجْزِئُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ؟ قَالَ: حُجِّي عَنْ أَبِيكِ. قَالَ: وَلَوَى عُنُقَ الْفَضْلِ فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوَيْتَ عُنُقَ ابْنِ عَمِّكَ. قَالَ: رَأَيْتُ شَابًّا وَشَابَّةً فَلَمْ آمَنْ عَلَيْهِمَا الشَّيْطَانَ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْعَبَّاسَ كَانَ حَاضِرًا لِذَلِكَ، فَلَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ أَيْضًا كَانَ مَعَهُ.

(تَنْبِيهٌ): لَمْ يَسُقِ الْمُصَنِّفُ لَفْظَ رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ، بَلْ تَحَوَّلَ إِلَى إِسْنَادِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَسَاقَ الْحَدِيثَ عَلَى لَفْظِهِ كَعَادَتِهِ، وَبَقِيَّةُ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ: أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي أَدْرَكَهُ الْحَجُّ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَرْكَبَ الْبَعِيرَ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ حُجِّي عَنْهُ أَخْرَجَهُ أَبُو مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ، وَالطَّبَرَانِيُّ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ كَذَلِكَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ عَلَيْهِ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الْحَجِّ الْحَدِيثَ.

قَوْلُهُ: (عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ) فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ الْآتِيَةِ فِي الِاسْتِئْذَانِ يَوْمَ النَّحْرِ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ غَدَاةَ جَمْعٍ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ.

٢٤ - بَاب حَجِّ الْمَرْأَةِ عَنْ الرَّجُلِ

١٨٥٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الْفَضْلُ رَدِيفَ النَّبِيِّ فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ فَقَالَتْ: إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ حَجِّ الْمَرْأَةِ عَنِ الرَّجُلِ) تَقَدَّمَ نَقْلُ الْخِلَافِ فِيهِ قَبْلَ بَابٍ.

قَوْلُهُ: (كَانَ الْفَضْلُ) يَعْنِي: ابْنَ عَبَّاسٍ، وَهُوَ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِ الْعَبَّاسِ وَبِهِ كَانَ يُكْنَى.

قَوْلُهُ: (رَدِيفَ) زَادَ شُعَيْبٌ: عَلَى عَجُزِ رَاحِلَتِهِ.

قَوْلُهُ: (فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ قَبِيلَةٌ مَشْهُورَةٌ.

قَوْلُهُ: (فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا) فِي