شَرْحُهَا فِي كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ زَادَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ فِي رِوَايَتِهِ: وَيَقُولُونَ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لَا يُحَدِّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ؟، فِي رِوَايَةِ يُونُسَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِثْلَ أَحَادِيثِهِ وَزَادَ: سَأُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ فِي الْمُزَارَعَةِ نَحْوُ هَذَا وَنَبَّهْتُ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ.
قَوْلُهُ: (إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: رَجُلًا.
قَوْلُهُ: (أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: أَخْدُمُ.
قَوْلُهُ: (عَلَى مِلْءِ بَطْنِي) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَبِهَمْزَةٍ آخِرَهُ، أَيْ بِسَبَبِ شِبَعِي، أَيْ: إِنَّ السَّبَبَ الْأَصْلِيَّ الَّذِي اقْتَضَى لَهُ كَثْرَةَ الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مُلَازَمَتُهُ لَهُ لِيَجِدَ مَا يَأْكُلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ يَتَّجِرُ فِيهِ، وَلَا أَرْضٌ يَزْرَعُهَا وَلَا يَعْمَلُ فِيهَا، فَكَانَ لَا يَنْقَطِعُ عَنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يَفُوتَهُ الْقُوتُ، فَيَحْصُلُ فِي هَذِهِ الْمُلَازَمَةِ مِنْ سَمَاعِ الْأَقْوَالِ وَرِوَايَةِ الْأَفْعَالِ مَا لَا يَحْصُلُ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ لَمْ يُلَازِمُهُ مُلَازَمَتَهُ، وَأَعَانَهُ عَلَى اسْتِمْرَارِ حِفْظِهِ لِذَلِكَ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ مِنَ الدَّعْوَةِ النَّبَوِيَّةِ لَهُ بِذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ) فِي رواية يُونُسَ: وَإِنَّ إِخْوَانِي مِنَ الْمُهَاجِرِينَ.
قَوْلُهُ: (وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ يَشْغَلُهُمُ الْقِيَامُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ) فِي رِوَايَةِ يُونُسَ: وَإِنَّ إِخْوَانِي مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَرْضِهِمْ وَفِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ: عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ قَرِيبًا، وَزَادَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ: فَيَشْهَدُ إِذَا غَابُوا، وَيَحْفَظُ إِذَا نَسُوا، وَفِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ: وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا مِنْ مَسَاكِينِ الصُّفَّةِ أَعِي حَيْثُ يَنْسَوْنَ.
قَوْلُهُ: (فَشَهِدْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ) فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ: وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي حَدِيثٍ يُحَدِّثُهُ.
قَوْلُهُ: (مَنْ يَبْسُطُ رِدَاءَهُ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: مَنْ بَسَطَ بِلَفْظِ الْفِعْلِ الْمَاضِي.
قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَنْسَ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: فَلَنْ يَنْسَى، وَنَقَلَ ابْنُ التِّينِ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ: فَلَنْ يَنْسَ بِالنُّونِ وَبِالْجَزْمِ، وَذَكَرَ أَنَّ الْقَزَّازَ نَقَلَ عَنْ بَعْضِ الْبَصْرِيِّينَ: أَنَّ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَجْزِمُ بِلَنْ قَالَ: وَمَا وَجَدْتُ لَهُ شَاهِدًا، وَأَقَرَّهُ ابْنُ التِّينِ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُهُ لِذَلِكَ شَاهِدًا وَهُوَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَنْ يَخِبِ الْيَوْمَ مِنْ رَجَائِكَ مَنْ … حَرَّكَ مِنْ دُونِ بَابِكَ الْحَلَقَةَ
وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَصْلِ لَمْ الْجَازِمَةُ فَتَغَيَّرَتْ بِلَنْ، لَكِنْ إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَلَعَلَّ الشَّاعِرُ قَصَدَ لَنْ لِكَوْنِهَا أَبْلَغُ هُنَا فِي الْمَدْحِ مِنْ لَمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْأَمْنِ مِنْ كِتَابِ التَّعْبِيرِ تَوْجِيهُ ابْنِ مَالِكٍ لِنَظِيرِ هَذَا فِي قَوْلِ: لَنْ تُرَعَ وَحِكَايَتُهُ عَنِ الْكِسَائِيِّ أَنَّ الْجَزْمَ بِلَنْ لُغَةٌ لِبَعْضِ الْعَرَبِ.
قَوْلُهُ: (فَبَسَطْتُ بُرْدَةً) فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ نَمِرَةً، وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُهَا فِي أَوَّلِ الْبُيُوعِ، وَذَكَرَ فِي الْعِلْمِ بَيَانَ الِاخْتِلَافِ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ: مَا نَسِيتُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْهُ.
٢٣ - بَاب مَنْ رَأَى تَرْكَ النَّكِيرِ مِنْ النَّبِيِّ ﷺ حُجَّةً، لَا مِنْ غَيْرِ الرَّسُولِ
٧٣٥٥ - حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّ ابْنَ الصياد الدَّجَّالُ، قُلْتُ: تَحْلِفُ بِاللَّهِ؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ، فَلَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِيُّ ﷺ.
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ رَأَى تَرْكَ النَّكِيرِ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ حُجَّةً) النَّكِيرُ بِفَتْحِ النُّونِ وَزْنُ عَظِيمُ: الْمُبَالَغَةُ فِي الْإِنْكَارِ. وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ تَقْرِيرَ النَّبِيِّ ﷺ لِمَا يُفْعَلُ بِحَضْرَتِهِ أَوْ يُقَالُ وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إِنْكَارٍ دَالٍّ عَلَى الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ