خُزَيْمَةَ، وَالْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ وَإِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَادْعُوا وَتَصَدَّقُوا.
قَوْلُهُ: (وَلَا لِحَيَاتِهِ) اسْتُشْكِلَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ لِأَنَّ السِّيَاقَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي حَقِّ مَنْ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْحَيَاةَ. وَالْجَوَابُ أَنَّ فَائِدَةَ ذِكْرِ الْحَيَاةِ دَفْعُ تَوَهُّمِ مَنْ يَقُولُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ كَوْنِهِ سَبَبًا لِلْفَقْدِ أَنْ لَا يَكُونَ سَبَبًا لِلْإِيجَادِ، فَعَمَّمَ الشَّارِعُ النَّفْيَ لِدَفْعِ هَذَا التَّوَهُّمِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ) هُوَ الْمُسْنَدِيُّ، وَهَاشِمٌ هُوَ أَبُو النَّضْرِ، وَشَيْبَانُ هُوَ النَّحْوِيُّ.
قَوْلُهُ: (يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ) يَعْنِي ابْنَ النَّبِيِّ ﷺ، وَقَدْ ذَكَرَ جُمْهُورُ أَهْلِ السِّيَرِ أَنَّهُ مَاتَ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ، فَقِيلَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَقِيلَ فِي رَمَضَانَ، وَقِيلَ فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهَا وَقَعَتْ فِي عَاشِرِ الشَّهْرِ، وَقِيلَ فِي رَابِعَ عَشَرَةَ، وَلَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا عَلَى قَوْلِ ذِي الْحِجَّةِ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذْ ذَاكَ بِمَكَّةَ فِي الْحَجِّ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ شَهِدَ وَفَاتَهُ وَكَانَتْ بِالْمَدِينَةِ بِلَا خِلَافٍ، نَعَمْ قِيلَ إِنَّهُ مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ فَإِنْ ثَبَتَ يَصِحُّ، وَجَزَمَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّهَا كَانَتْ سَنَةَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ كَانَ يَوْمَئِذٍ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَرَجَعَ مِنْهَا فِي آخِرِ الشَّهْرِ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى أَهْلِ الْهَيْئَةِ لِأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَدْ فَرَضَ الشَّافِعِيُّ وُقُوعَ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ مَعًا. وَاعْتَرَضَهُ بَعْضُ مَنِ اعْتَمَدَ عَلَى قَوْلِ أَهْلِ الْهَيْئَةِ، وَانْتَدَبَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ لِدَفْعِ قَوْلِ الْمُعْتَرِضِ فَأَصَابُوا.
قَوْلُهُ: (فَإِذَا رَأَيْتُمْ) أَيْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ وَسَيَأْتِي مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بَعْدَ أَبْوَابٍ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا.
(تَنْبِيهٌ): ابْتَدَأَ الْبُخَارِيُّ أَبْوَابَ الْكُسُوفِ بِالْأَحَادِيثِ الْمُطْلَقَةِ فِي الصَّلَاةِ بِغَيْرِ تَقْيِيدٍ بِصِفَةِ إِشَارَةٍ مِنْهُ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ يُعْطِي أَصْلَ الِامْتِثَالِ، وَإِنْ كَانَ إِيقَاعُهَا عَلَى الصِّفَةِ الْمَخْصُوصَةِ عِنْدَهُ أَفْضَلَ، وَبِهَذَا قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ. وَوَقَعَ لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ كالْبَنْدَنِيجِيِّ أَنَّ صَلَاتَهَا رَكْعَتَيْنِ كَالنَّافِلَةِ لَا يُجْزِئُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٢ - بَاب الصَّدَقَةِ فِي الْكُسُوفِ
١٠٤٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالنَّاسِ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي الْأُولَى، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ انْجَلَتْ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا ينخسفان لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا، ثُمَّ قَالَ: يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلبَكَيْتُمْ كَثِيرًا.
[الحديث ١٠٤٤ - أطرافه في: ٦٦٣١. ٥٢٢١. ٤٦٢٤. ٣٢٠٣. ١٢١٢. ١٠٦٦. ١٠٦٥. ١٠٦٤. ١٠٥٨. ١٠٥٦. ١٠٥٠. ١٠٤٧. ١٠٤٦]
قَوْلُهُ: (بَابُ الصَّدَقَةِ فِي الْكُسُوفِ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ ثُمَّ عَنْهَا، أَوْرَدَهُ بَعْدَ بَابٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، ثُمَّ بَعْدَ بَابَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ، وَعِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمْ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْآخَرِ وَوَرَدَ الْأَمْرُ - فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي أَوْرَدَهَا فِي الْكُسُوفِ - بِالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ قُدِّمَ مِنْهَا الْأَهَمُّ فَالْأَهَمُّ. وَوَقَعَ الْأَمْرُ بِالصَّدَقَةِ فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ دُونَ غَيْرِهَا فَنَاسَبَ أَنْ يُتَرْجَمَ بِهَا، وَلِأَنَّ الصَّدَقَةَ تَالِيَةٌ لِلصَّلَاةِ