للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الحمد لله الذي شرح صدور أهل الإسلام بالهدى، ونكت في قلوب أهل الطغيان فلا تعي الحكمة أبداً.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلهاً أحداً، فرداً صمداً.

وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ما أكرمه عبداً وسيداً، وأعظمه أصلاً ومحتداً، وأطهره مضجعاً ومولداً، وأبهره صدراً ومورداً.

صلى الله عليه وعلى آله وصحبه غيوث الندى، وليوث العدا، صلاة وسلاماً دائمين من اليوم إلى أن يبعث الناس غدا.

أما بعد فقد آن الشروع فيما قصدت له من شرح الجامع الصحيح، على ما وعدت به في أول المقدمة (١)، وكنت عزمت على أن أسوق حديث الباب بلفظه قبل شرحه، ثم رأيت ذلك مما يطول به الكتاب جداً (٢) فسلكت الآن فيه طريقاً وسطى أرجوا نفعها، كافلة بما اطلعت عليه من ذلك، إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

وربما أعدت شيئاً مما تقدم في المقدمة (١) لمعنى يقتضيه، إما لبعد العهد به أو لغير ذلك، ولكن اعتمادي غالباً على الحوالة عليها، وسميته:

فتح الباري، بشرح البخاري

وقد رأيت أن أبدأ الشرح بأسانيدي إلى الأصل بالسماع أو بالإجازة، وأن أسوقها على نمط مخترع، فإني سمعت بعض الفضلاء يقول: الأسانيد أنساب الكتب، فأحببت أن أسوق هذه الأسانيد مساق الأنساب فأقول وبالله التوفيق:

اتصلت لنا رواية البخاري عنه من طريق أبي عبد الله محمد بن يوسف بن مطر بن صالح بن بشر الفربري، وكانت وفاته في سنة عشرين وثلثمائة، وكان سماعه للصحيح مرتين: مرة بفربر سنة ثمان وأربعين، ومرة ببخارى سنة اثنتين وخمسين ومائتين.

ومن طريق إبراهيم بن معقل بن الحجاج النسفي، وكان من الحفاظ وله تصانيف، وكانت وفاته سنة أربع وتسعين ومائتين، وكان فاته من الجامع أوراق رواها بالإجازة عن البخاري، نبه على ذلك أبو علي الجياني في تقييد المهمل.

ومن طريق حماد بن شاكر النسوي، وأظنه مات في حدود التسعين، وله فيه فوت أيضاً.

ومن رواية أبي طلحة منصور بن محمد بن علي قرينة بقاف ونون بوزن يسيرة البزدوي بفتح الموحدة وسكون الزاي، وكانت وفاته سنة تسع وعشرين وثلثمائة، وهو آخر من حدث عن البخاري بصحيحه، كما جزم به ابن ماكولا وغيره.

وقد عاش بعده ممن سمع من البخاري القاضي الحسين بن إسماعيل المحاملي ببغداد، ولكن لم يكن عنده الجامع الصحيح، وإنما سمع منه مجالس أملاها ببغداد في آخر قدمة قدمها البخاري، وقد غلط من روى الصحيح من طريق المحاملي المذكور غلطاً فاحشاً.

فصل: فأما رواية الفربري، فاتصلت إلينا عنه من طريق الحافظ أبي علي سعيد بن عثمان بن سعيد بن السكن، و الحافظ أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد المستملي، و أبي نصر أحمد بن محمد الأخسيكتي، والفقيه أبي زيد محمد بن أحمد المروزي، و أبي علي محمد بن عمر بن شبويه، و أبي أحمد بن محمد الجرجاني، و أبي محمد عبد الله بن أحمد السرخسي، و أبي الهيثم محمد بن مكي الكشميهني، و أبي علي إسماعيل بن محمد بن أحمد بن حاجب الكشاني، وهو آخر من حدث


(١) يعني كتابه (هدي الساري، بفتح الباري)
(٢) ونحن قد حققنا ذلك في هذه الطبعة، فسقنا حديث الباب بلفظه قبل شرحه ليكون ذلك أعون على فهم الشرح والإلمام بمراميه، وأشرنا بالأرقام إلى أطراف كل حديث، وهي أجزاؤه المتفرقة في مواضع أخرى من صحيح البخاري