عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: ثُمَّ فَتَرَ عَنِّي الْوَحْيُ، فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي سَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ.
٦٢١٥ - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي شَرِيكٌ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: بِتُّ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ وَالنَّبِيُّ ﷺ عِنْدَهَا، فَلَمَّا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ أَوْ بَعْضُهُ قَعَدَ ينَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَرَأَ: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ﴾
قَوْلُهُ: (بَابُ رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ﴾ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَزَادَ الْأَصِيلِيُّ وَغَيْرُهُ: ﴿وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ﴾ وَهَذَا الْقَدْرُ هُوَ الْمُرَادُ مِنَ التَّرْجَمَةِ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ إِلَى مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: غَرَضُ الْبُخَارِيِّ الرَّدُّ عَلَى مَنْ كَرِهَ أَنْ يَرْفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ كَمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَعَنْ عَطَاءٍ السُّلَمِيِّ أَنَّهُ مَكَثَ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَا يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ تَخَشُّعًا. نَعَمْ صَحَّ النَّهْيُ عَنْ رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ فِي حَالَةِ الصَّلَاةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ عَنْ أَنَسٍ رَفَعَهُ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلَاتِهِمْ؟ فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى قَالَ: لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ. وَلِمُسْلِمٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ نَحْوُهُ، وَلِابْنِ مَاجَهْ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ، وَقَالَ: أنْ تَلْتَمِعْ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
وَحَاصِلُ طَرِيقِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ النَّهْيَ خَاصٌّ بِحَالَةِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ فِي تَخْصِيصِ الْإِبِلِ بِالذِّكْرِ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الدَّوَابِّ بِأَشْيَاءَ امْتَازَتْ بِهِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ اسْمَ السَّحَابِ، فَإِنْ ثَبَتَ فَمُنَاسَبَتُهَا لِلسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ظَاهِرَةٌ، فَكَأَنَّهُ ذَكَرَ شَيْئَيْنِ مِنَ الْأُفُقِ الْعُلْوِيِّ وَشَيْئَيْنِ مِنَ الْأُفُقِ السُّفْلِيِّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَا يَعْتَبِرُ بِهِ مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الْحَقِّ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَيُّوبُ) هُوَ السِّخْتِيَانِيُّ (عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ: رَفَعَ النَّبِيُّ ﷺ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ)، وَقَعَ هَذَا التَّعْلِيقُ لِأَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْمُسْتَمْلِي، وَالْكُشْمِيهَنِيِّ فَقَطْ وَسَقَطَ لِلْبَاقِينَ، وَهُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ أَوَّلُهُ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي بَيْتِي وَيَوْمِي وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: الرَّفِيقَ الْأَعْلَى أَخْرَجَهُ هَكَذَا أَحْمَدُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ فِي الْوَفَاةِ النَّبَوِيَّةِ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ بِتَمَامِهِ، لَكِنْ فِيهِ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ.
ثم ذكر حَدِيثُ جَابِرٍ فِي فَتْرَةِ الْوَحْيِ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ قَوْلُهُ: فَرَفَعْتُ بَصَرِي إِلَى السَّمَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ.
وحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: بِتُّ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ قَوْلُهُ: فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بِتَمَامِهِ مَشْرُوحًا فِي بَابِ التَّهَجُّدِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَثِيرًا مَا يَرْفَعُ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا جَلَسَ يَتَحَدَّثُ يُكْثِرُ أَنْ يَرْفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. فَحَاصِلُ طَرِيقِ الْجَمْعِ أَنَّ النَّهْيَ خَاصٌّ بِحَالَةِ الصَّلَاةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
١١٩ - بَاب من نَكْتِ الْعُودِ فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute