الرَّجُلِ الْجَلِيلِ الْقَدْرِ، وَاسْمُ أَبِي أَوْفَى عَلْقَمَةُ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ الْأَسْلَمِيُّ شَهِدَ هُوَ وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بَيْعَةَ الرَّضْوَانِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وَعُمِّرَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى أَنْ كَانَ آخِرَ مَنْ مَاتَ مِنَ الصَّحَابَةِ بِالْكُوفَةِ، وَذَلِكَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: وَهَذَا الْحَدِيثُ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ، وَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: يَدْعُو آخِذُ الصَّدَقَةِ لِلمتَّصَدُّقِ بِهَذَا الدُّعَاءِ لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَأَجَابَ الْخَطَّابِيُّ عَنْهُ قَدِيمًا بِأَنَّ أَصْلَ الصَّلَاةِ الدُّعَاءُ إِلَّا أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْمَدْعُوِّ لَهُ، فَصَلَاةُ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى أُمَّتِهِ دُعَاءٌ لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ، وَصَلَاةُ أُمَّتِهِ عَلَيْهِ دُعَاءٌ لَهُ بِزِيَادَةِ الْقُرْبَى وَالزُّلْفَى، وَلِذَلِكَ كَانَ لَا يَلِيقُ بِغَيْرِهِ. انْتَهَى.
وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ دُعَاءِ آخِذِ الزَّكَاةِ لِمُعْطِيهَا، وَأَوْجَبَهُ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ، وَحَكَاهُ الْحَنَّاطِيُّ وَجْهًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَعَلَّمَهُ النَّبِيُّ ﷺ، وَلِأَنَّ سَائِرَ مَا يَأْخُذُهُ الْإِمَامُ مِنَ الْكَفَّارَاتِ وَالدُّيُونِ وَغَيْرِهِمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا الدُّعَاءُ، فَكَذَلِكَ الزَّكَاةُ، وَأَمَّا الْآيَةُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْوُجُوبُ خَاصًّا بِهِ، لِكَوْنِ صَلَاتِهِ سَكَنًا لَهُمْ بِخِلَافِ غَيْرِهِ.
٦٥ - بَاب مَا يُسْتَخْرَجُ مِنْ الْبَحْرِ
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: لَيْسَ الْعَنْبَرُ بِرِكَازٍ هُوَ شَيْءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ
وَقَالَ الْحَسَنُ: فِي الْعَنْبَرِ وَاللُّؤْلُؤِ الْخُمُسُ فَإِنَّمَا جَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسَ لَيْسَ فِي الَّذِي يُصَابُ فِي الْمَاءِ
١٤٩٨ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِأَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ فَخَرَجَ فِي الْبَحْرِ فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ فَرَمَى بِهَا فِي الْبَحْرِ فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ فَإِذَا بِالْخَشَبَةِ فَأَخَذَهَا لِأَهْلِهِ حَطَبًا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ.
الحديث ١٤٩٨ - أطرافه في: ٢٠٦٣، ٢٢٩١، ٢٤٠٤، ٢٤٣٠، ٢٧٣٤، ٦٢٦١]
قَوْلُهُ: (بَابُ مَا يُسْتَخْرَجُ مِنَ الْبَحْرِ) أَيْ هَلْ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ أَوْ لَا؟ وَإِطْلَاقُ الِاسْتِخْرَاجِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِسُهُولَةٍ كَمَا يُوجَدُ فِي السَّاحِلِ، أَوْ بِصُعُوبَةٍ كَمَا يُوجَدُ بَعْدَ الْغَوْصِ وَنَحْوِهِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: لَيْسَ الْعَنْبَرُ بِرِكَازٍ، إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ) اخْتُلِفَ فِي الْعَنْبَرِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ السَّلَمِ مِنَ الْأُمِّ: أَخْبَرَنِي عَدَدٌ مِمَّنْ أَثِقُ بِخَبَرِهِ أَنَّهُ نَبَاتٌ يَخْلُقُهُ اللَّهُ فِي جَنَبَاتِ الْبَحْرِ، قَالَ: وَقِيلَ: إِنَّهُ يَأْكُلُهُ حُوتٌ فَيَمُوتُ فَيُلْقِيهِ الْبَحْرُ فَيُؤْخَذُ فَيُشَقُّ بَطْنُهُ فَيُخْرَجُ مِنْهُ. وَحَكَى ابْنُ رُسْتُمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ يَنْبُتُ فِي الْبَحْرِ بِمَنْزِلَةِ الْحَشِيشِ فِي الْبَرِّ، وَقِيلَ: هُوَ شَجَرٌ يَنْبُتُ فِي الْبَحْرِ فَيَتَكَسَّرُ فَيُلْقِيهِ الْمَوْجُ إِلَى السَّاحِلِ، وَقِيلَ: يَخْرُجُ مِنْ عَيْنٍ، قَالَهُ ابْنُ سِينَا، قَالَ: وَمَا يُحْكَى مِنْ أَنَّهُ رَوْثُ دَابَّةٍ أَوْ قَيْؤُهَا أَوْ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ بَعِيدٌ. وَقَالَ ابْنُ الْبَيْطَارِ فِي جَامِعِهِ: هُوَ رَوْثُ دَابَّةٍ بَحْرِيَّةٍ، وَقِيلَ: هُوَ شَيْءٌ يَنْبُتُ فِي قَعْرِ الْبَحْرِ، ثُمَّ حُكِيَ نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ عَنِ الشَّافِعِيِّ. وَأَمَّا الرِّكَازُ فَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْكَافِ وَآخِرُهُ زَايٌ سَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَدَسَرَهُ: أَيْ دَفَعَهُ وَرَمَى بِهِ إِلَى السَّاحِلِ، وَهَذَا التَّعْلِيقُ وَصَلَهُ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أُذَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَذَكَرَ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وَمِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. وَصَرَّحَ فِيهِ بِسَمَاعِ أُذَيْنَةَ لَهُ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute