للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حَنَّتْ قَلُوصِي إِلَى بَابُوسِهَا جَزَعًا.

وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ: إِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ بِتَنْوِينِ السِّينِ تَكُونُ كُنْيَةً لَهُ، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ: يَا أَبَا الشِّدَّةِ، وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي ذِكْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ.

٨ - بَاب مَسْحِ الْحَصَا فِي الصَّلَاةِ

١٢٠٧ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَيْقِيبٌ: أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ فِي الرَّجُلِ يُسَوِّي التُّرَابَ حَيْثُ يَسْجُدُ قَالَ: إِنْ كُنْتَ فَاعِلًا فَوَاحِدَةً.

قَوْلُهُ: (بَابُ مَسْحِ الْحَصَى فِي الصَّلَاةِ) قَالَ ابْنُ رَشِيدٍ: تَرْجَمَ بِالْحَصَى وَالْمَتْنِ الَّذِي أَوْرَدَهُ فِي التُّرَابِ، لِيُنَبِّهَ عَلَى إِلْحَاقِ الْحَصَى بِالتُّرَابِ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى التَّسْوِيَةِ مَرَّةً، وَأَشَارَ بِذَلِكَ أَيْضًا إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ بِلَفْظِ الْحَصَى كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِلَفْظِ: الْمَسْحُ فِي الْمَسْجِدِ يَعْنِي الْحَصَى. قَالَ ابْنُ رَشِيدٍ: لَمَّا كَانَ فِي الْحَدِيثِ: يَعْنِي، وَلَا يُدْرَى أَهِيَ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ أَوْ غَيْرِهِ عَدَلَ عَنْهَا الْبُخَارِيُّ إِلَى ذِكْرِ الرِّوَايَةِ الَّتِي فِيهَا التُّرَابُ.

وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ: تَرْجَمَ بِالْحَصَى، لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ يُوجَدُ فِي التُّرَابِ، فَيَلْزَمُ مِنْ تَسْوِيَتِهِ مَسْحُ الْحَصَى. قُلْتُ: قَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هِشَامٍ بِلَفْظِ: فَإِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا، فَوَاحِدَةً تَسْوِيَةَ الْحَصَى. وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بِلَفْظِ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ عَنْ مَسْحِ الْحَصَى فِي الصَّلَاةِ. فَلَعَلَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ إِلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، أَوْ إِلَى مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، حَتَّى عَنْ مَسْحِ الْحَصَى، فَقَالَ: وَاحِدَةً أَوْ دَعْ. وَرَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ بِلَفْظِ: إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ، فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ، فَلَا يَمْسَحِ الْحَصَى.

وَقَوْلُهُ: إِذَا قَامَ؛ الْمُرَادُ بِهِ الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ، لِيُوَافِقَ حَدِيثَ الْبَابِ، فَلَا يَكُونُ مَنْهِيًّا عَنِ الْمَسْحِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا، بَلِ الْأَوْلَى أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ حَتَّى لَا يَشْتَغِلَ بَالُهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ بِهِ.

(تَنْبِيهٌ): التَّقْيِيدُ بِالْحَصَى وَبِالتُّرَابِ خَرَجَ لِلْغَالِبِ لِكَوْنِهِ كَانَ الْمَوْجُودَ فِي فَرْشِ الْمَسَاجِدِ إِذْ ذَاكَ، فَلَا يَدُلُّ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِهِ عَلَى نَفْيِهِ عَن غَيْرِهِ مِمَّا يُصَلَّى عَلَيْهِ مِنَ الرَّمْلِ وَالْقَذَى وَغَيْرِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيَحْيَى هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ. وَمُعَيْقِيبٌ بِالْمُهْمَلَةِ وَبِالْقَافِ وَآخِرُهُ مُوَحَّدَةٌ مُصَغَّرًا هُوَ ابْنُ أَبِي فَاطِمَةَ الدَّوْسِيُّ حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، كَانَ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ الْوَاحِدُ.

قَوْلُهُ: (فِي الرَّجُلِ) أَيْ حُكْمُ الرَّجُلِ، وَذُكِرَ لِلْغَالِبِ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ جَارٍ فِي جَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ. وَحَكَى النَّوَوِيُّ اتِّفَاقَ الْعُلَمَاءِ عَلَى كَرَاهَةِ مَسْحِ الْحَصَى وَغَيْرِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَقَدْ حَكَى الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا، وَكَانَ يَفْعَلُهُ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْخَبَرُ، وَأَفْرَطَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ، فَقَالَ: إِنَّهُ حَرَامٌ إِذَا زَادَ عَلَى وَاحِدَةٍ لِظَاهِرِ النَّهْيِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَا إِذَا تَوَالَى أَوْ لَا، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِوُجُوبِ الْخُشُوعِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ عِلَّةَ كَرَاهِيَتِهِ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْخُشُوعِ، أَوْ لِئَلَّا يَكْثُرَ الْعَمَلُ فِي الصَّلَاةِ، لَكِنَّ حَدِيثَ أَبِي ذَرٍّ الْمُتَقَدِّمَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِيهِ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّحْمَةِ الَّتِي تُوَاجِهُهُ حَائِلًا. وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ قَالَ: إِذَا سَجَدْتَ فَلَا تَمْسَحِ الْحَصَى، فَإِنَّ كُلَّ حَصَاةٍ تُحِبُّ أَنْ يُسْجَدَ عَلَيْهَا. فَهَذَا تَعْلِيلٌ آخَرُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (حَيْثُ يَسْجُدُ) أَيْ مَكَانَ السُّجُودِ، وَهَلْ يَتَنَاوَلُ الْعُضْوَ السَّاجِدَ؟ لَا يَبْعُدُ ذَلِكَ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي حُمْرَ النَّعَمِ، وَأَنِّي مَسَحْتُ مَكَانَ جَبِينِي مِنَ الْحَصَى. وَقَالَ