الصَّدَقَةِ فَلَمَّا جَاءَتِ الصَّدَقَةُ أَوْفَى صَاحِبَهُ مِنْهَا، وَلَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَوْفَاهُ أَزْيَدَ مِنْ حَقِّهِ مِنْ مَالِ الصَّدَقَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُقْتَرَضُ مِنْهُ كَانَ أَيْضًا مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ إِمَّا مِنْ جِهَةِ الْفَقْرِ أَوِ التَّأَلُّفِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ بِجِهَتَيْنِ: جِهَةِ الْوَفَاءِ فِي الْأَصْلِ، وَجِهَةِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي الزَّائِدِ، وَقِيلَ: كَانَ اقْتَرَضَهُ فِي ذِمَّتِهِ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَجِدِ الْوَفَاءَ صَارَ غَارِمًا فَجَازَ لَهُ الْوَفَاءُ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَقِيلَ: كَانَ اقْتِرَاضُهُ لِنَفْسِهِ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ اشْتَرَى مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ بَعِيرًا مِمَّنِ اسْتَحَقَّهُ أَوِ اقْتَرَضَهُ مِنْ آخَرَ أَوْ مِنْ مَالِ الصَّدَقَةِ لِيُوَفِّيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ أَقْوَى، وَيُؤَيِّدُهُ سِيَاقُ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ): هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَرَائِبِ الصَّحِيحِ، قَالَ الْبَزَّارُ لَا يُرْوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَمَدَارُهُ عَلَى سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي هَذَا الْبَابِ بِأَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِمِنًى وَذَلِكَ لَمَّا حَجَّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٥ - بَاب حُسْنِ التَّقَاضِي
٢٣٩١ - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ ﵁ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: مَاتَ رَجُلٌ، فَقِيلَ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ؟ قَالَ: كُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ فَأَتَجَوَّزُ عَنْ الْمُوسِرِ وَأُخَفِّفُ عَنْ الْمُعْسِرِ فَغُفِرَ لَهُ، قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: سَمِعْتُهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
قَوْلُهُ: (بَابُ حُسْنِ التَّقَاضِي) أَيِ اسْتِحْبَابِ حُسْنِ الْمُطَالَبَةِ، أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ حُذَيْفَةَ فِي قِصَّةِ الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ يَتَجَوَّزُ عَنِ الْمُوسِرِ وَيُخَفِّفُ عَنِ الْمُعْسِرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ.
وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: فَقِيلَ لَهُ مَا كُنْتَ تَصْنَعُ؟ وَوَقَعَ هُنَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي فَقِيلَ لَهُ مَا كُنْتَ تَقُولُ؟ وَشَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ هُوَ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ هُوَ ابْنُ عُمَيْرٍ.
٦ - بَاب هَلْ يُعْطَى أَكْبَرَ مِنْ سِنِّهِ؟
٢٣٩٢ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ ﷺ يَتَقَاضَاهُ بَعِيرًا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَعْطُوهُ، فَقَالُوا: مَا نَجِدُ إِلَّا سِنًّا أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَوْفَيْتَنِي أَوْفَاكَ اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَعْطُوهُ، فَإِنَّ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ أَحْسَنَهُمْ قَضَاءً.
قَوْلُهُ: (بَابُ هَلْ يُعْطَى أَكْبَرَ مِنْ سِنِّهِ)؟ هُوَ بِضَمِّ أَوَّلِ يُعْطَى عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَاضِيَ قَبْلُ بِبَابٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِيهِ.
(وَيَحْيَى) الْمَذْكُورُ فِيهِ هُوَ الْقَطَّانُ، وَسُفْيَانُ شَيْخُهُ هُوَ الثَّوْرِيُّ، وَسَيَأْتِي بَعْدَ سِتَّةِ أَبْوَابٍ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ شَيْخٍ لَهُ آخَرَ وَهُوَ شُعْبَةُ.
٧ - بَاب حُسْنِ الْقَضَاءِ
٢٣٩٣ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ سِنٌّ مِنْ الْإِبِلِ، فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ ﷺ: أَعْطُوهُ، فَطَلَبُوا سِنَّهُ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ