الصُّوَرَ فِي بُيُوتِهِمْ وَيُعَظِّمُونَهَا فَكَرِهَتِ الْمَلَائِكَةُ ذَلِكَ فَلَمْ تَدْخُلْ بَيْتَهُ هَجْرًا لَهُ لِذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ) أَيِ ابْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَسَالِمٌ شَيْخُهُ هُوَ عَمُّ أَبِيهِ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ.
قَوْلُهُ: (وَعَدَ جِبْرِيلُ النَّبِيَّ ﷺ) زَادَتْ عَائِشَةُ فِي سَاعَةٍ يَأْتِيهِ فِيهَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
قَوْلُهُ: (فَرَاثَ عَلَيْهِ) بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ أَبْطَأَ، فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فَجَاءَتْ تِلْكَ السَّاعَةُ وَلَمْ يَأْتِهِ.
قَوْلُهُ: (حَتَّى اشْتَدَّ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ) فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَفِي يَدِهِ عَصًا فَأَلْقَاهَا مِنْ يَدِهِ وَقَالَ: مَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَا رُسُلُهُ وَفِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ نَحْوَ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَفِيهِ أَنَّهُ أَصْبَحَ وَاجِمًا بِالْجِيمِ أَيْ مُنْقَبِضًا.
قَوْلُهُ: (فَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ فَلَقِيَهُ فَشَكَا إِلَيْهِ مَا وَجَدَ) أَيْ مِنْ إِبْطَائِهِ (فَقَالَ لَهُ: إِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلَا كَلْبٌ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ اخْتِصَارٌ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ أَتَمُّ فَفِيهِ ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا جِرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ سَرِيرِهِ فَقَالَت: يَا عَائِشَةُ مَتَى دَخَلَ هَذَا الْكَلْبُ؟ فَقَالَتْ: وَأيْمُ اللَّهِ مَا دَرَيْتُ. ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، فَجَاءَ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: وَاعَدْتَنِي فَجَلَسْتُ لَكَ فَلَمْ تَأْتِ. فَقَالَ: مَنَعَنِي الْكَلْبُ الَّذِي كَانَ فِي بَيْتِكَ وَفِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ فَظَلَّ يَوْمَهُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ جِرْوُ كَلْبٍ فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ مَاءً فَنَضَحَ مَكَانَهُ، فَلَمَّا أَمْسَى لَقِيَهُ جِبْرِيلُ وَزَادَ فِيهِ الْأَمْرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ. وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ أَتَمُّ سِيَاقًا مِنْهُ وَلَفْظُهُ: أَتَانِي جِبْرِيلُ، فَقَالَ: أَتَيْتُكَ الْبَارِحَةَ فَلَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَكُونَ دَخَلْتُ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ عَلَى الْبَابِ تَمَاثِيلُ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ قِرَامُ سِتْرٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ كَلْبٌ، فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ الَّذِي عَلَى بَابِ الْبَيْتِ يُقْطَعْ فَيَصِيرُ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ، وَمُرْ بِالسِّتْرِ فَلْيُقْطَعْ فَلْيُجْعَلْ مِنْهُ وِسَادَتَانِ مَنْبُوذَتَانِ تُوطَآنِ، وَمُرْ بِالْكَلْبِ فَلْيُخْرَجْ، فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ: إِمَّا أَنْ تُقْطَعَ رُءُوسُهَا أَوْ تُجْعَلَ بُسُطًا تُوطَأُ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَرْجِيحُ قَوْلِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الصُّورَةَ الَّتِي تَمْتَنِعُ الْمَلَائِكَةُ مِنْ دُخُولِ الْمَكَانِ الَّتِي تَكُونُ فِيهِ بَاقِيَةٌ عَلَى هَيْئَتِهَا مُرْتَفِعَةٌ غَيْرُ مُمْتَهَنَةٍ، فَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مُمْتَهَنَةً أَوْ غَيْرَ مُمْتَهَنَةٍ لَكِنَّهَا غُيِّرَتْ مِنْ هَيْئَتِهَا إِمَّا بِقَطْعِهَا مِنْ نِصْفِهَا أَوْ بِقَطْعِ رَأْسِهَا فَلَا امْتِنَاعَ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: ظَاهِرُ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ الْمَاضِي قِيلَ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَمْتَنِعُ مِنْ دُخُولِ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ صُورَةٌ إِنْ كَانَتْ رَقْمًا فِي الثَّوْبِ، وَظَاهِرُ حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَنْعُ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُحْمَلَ حَدِيثُ عَائِشَةَ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَحَدِيثُ أَبِي طَلْحَةَ عَلَى مُطْلَقِ الْجَوَازِ وَهُوَ لَا يُنَافِي الْكَرَاهَةَ. قُلْتُ: وَهُوَ جَمْعٌ حَسَنٌ ; لَكِنَّ الْجَمْعَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْلَى مِنْهُ، وَاللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.
٩٥ - باب مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ
٥٩٦١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَامَ عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ فَعَرَفَتْ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ، وَإِلَى رَسُولِهِ، مَاذَا أَذْنَبْتُ؟ قَالَ: مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ؟ فَقَالَتْ: اشْتَرَيْتُهَا لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ. وَقَالَ: إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ.
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي النُّمْرُقَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي بَابِ مَنْ كَرِهَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute