للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي.

قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا رَأَتِ الْمُسْتَحَاضَةُ الطُّهْرَ) أَيْ تَمَيَّزَ لَهَا دَمُ الْعِرْقِ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ، فَسُمِّيَ زَمَنُ الِاسْتِحَاضَةِ طُهْرًا ; لِأَنَّهُ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى زَمَنِ الْحَيْضِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ انْقِطَاعَ الدَّمِ، وَالْأَوَّلُ أَوْفَقُ لِلسِّيَاقِ.

قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي وَلَوْ سَاعَةً) قَالَ الدَّاوُدِيُّ: مَعْنَاهُ إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ سَاعَةً ثُمَّ عَاوَدَهَا دَمٌ فَإِنَّهَا تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي. وَالتَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالدَّارِمِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ الْمُسْتَحَاضَةِ فَقَالَ: أَمَّا مَا رَأَتِ الدَّمَ الْبَحْرَانِيَّ فَلَا تُصَلِّي، وَإِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ وَلَوْ سَاعَةً فَلْتَغْتَسِلْ وَتُصَلِّي وَهَذَا مُوَافِقٌ لِلِاحْتِمَالِ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا ; لِأَنَّ الدَّمَ الْبَحْرَانِيَّ هُوَ دَمُ الْحَيْضِ.

قَوْلُهُ: (وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا) هَذَا أَثَرٌ آخَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ عَنْهُ قَالَ الْمُسْتَحَاضَةُ لَا بَأْسَ أَنْ يَأْتِيَهَا زَوْجُهَا وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ كَانَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ تُسْتَحَاضُ وَكَانَ زَوْجُهَا يَغْشَاهَا وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ إِنْ كَانَ عِكْرِمَةُ سَمِعَهُ مِنْهَا.

قَوْلُهُ: (إِذَا صَلَّتْ) شَرْطٌ مَحْذُوفُ الْجَزَاءِ أَوْ جَزَاؤُهُ مُقَدَّمٌ، وَقَوْلُهُ الصَّلَاةُ أَعْظَمُ أَيْ مِنَ الْجِمَاعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا بَحْثٌ مِنَ الْبُخَارِيِّ أَرَادَ بِهِ بَيَانَ الْمُلَازَمَةِ، أَيْ إِذَا جَازَتِ الصَّلَاةُ فَجَوَازُ الْوَطْءِ أَوْلَى ; لِأَنَّ أَمْرَ الصَّلَاةِ أَعْظَمُ مِنْ أَمْرِ الْجِمَاعِ، وَلِهَذَا عَقَّبَهُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمُخْتَصَرِ مِنْ قِصَّةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ الْمُصَرَّحِ بِأَمْرِ الْمُسْتَحَاضَةِ بِالصَّلَاةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُهُ فِي بَابِ الِاسْتِحَاضَةِ، وَزُهَيْرٌ الْمَذْكُورُ هُنَا هُوَ ابْنُ مُعَاوِيَةَ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِهِ تَامًّا، وَأَشَارَ الْبُخَارِيُّ بِمَا ذَكَرَ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ مَنَعَ وَطْءَ الْمُسْتَحَاضَةِ، وَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَالْحَكَمِ، وَالزُّهْرِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى الْجَوَازِ ظَاهِرٌ فِيهِ.

وَذَكَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ قَوْلَهُ الصَّلَاةُ أَعْظَمُ مِنْ بَقِيَّةِ كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَزَاهُ إِلَى تَخْرِيجِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَلَيْسَ هُوَ فِيهِ، نَعَمْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَالدَّارِمِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ الْمُسْتَحَاضَةِ أَتُجَامَعُ؟ قَالَ الصَّلَاةُ أَعْظَمُ مِنَ الْجِمَاعِ

٢٩ - بَاب الصَّلَاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ وَسُنَّتِهَا

٣٣٢ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ: أَنَّ امْرَأَةً مَاتَتْ فِي بَطْنٍ فَصَلَّى عَلَيْهَا النَّبِيُّ فَقَامَ وَسَطَهَا.

[الحديث ٣٣٢ - طرفاه في: ١٣٣٢، ١٣٣١]

قَوْلُهُ: (بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ وَسُنَّتِهَا) أَيْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ، وَاسْمُهُ الصَّبَّاحُ، وَقِيلَ إِنَّ أَحْمَدَ هُوَ ابْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي سُرَيْجٍ فَكَأَنَّهُ نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ.

قَوْلُهُ: (أَنَّ امْرَأَةً) هِيَ أُمُّ كَعْبٍ سَمَّاهَا مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، وَذَكَرَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الصَّحَابَةِ أَنَّهَا أَنْصَارِيَّةٌ.

قَوْلُهُ: (مَاتَتْ فِي بَطْنٍ) أَيْ بِسَبَبِ بَطْنٍ يَعْنِي الْحَمْلَ، وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ قَالَ ابْنُ التَّيْمِيِّ: قِيلَ وَهِمَ الْبُخَارِيُّ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ فَظَنَّ أَنَّ قَوْلَهُ مَاتَتْ فِي بَطْنٍ مَاتَتْ فِي الْوِلَادَةِ، قَالَ: وَمَعْنَى مَاتَتْ فِي بَطْنٍ مَاتَتْ مَبْطُونَةً. قُلْتُ: بَلِ الْمُوَهِّمُ لَهُ هُوَ الْوَاهِمُ، فَإِنَّ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ كِتَابِ الْجَنَائِزِ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا وَكَذَا لِمُسْلِمٍ.

قَوْلُهُ: (فَقَامَ وَسَطَهَا) بِفَتْحِ السِّينِ فِي رِوَايَتِنَا، وَكَذَا ضَبَطَهُ ابْنُ التِّينِ، وَضَبَطَهُ غَيْرُهُ بِالسُّكُونِ،