للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كَيْ. وَأَفَادَتْ رِوَايَةُ سُفْيَانَ تَعْيِينَ الْآمِرِ الْمُبْهَمِ فِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ، وَأَفَادَتْ رِوَايَةُ حَمَّادٍ بَيَانَ عِلَّةَ الْأَمْرِ بِذَلِكَ.

وَلِمُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ الْمَارَّ الْمَذْكُورَ كَانَ يَتَصَدَّقُ بِالنَّبْلِ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ إِلَى الْآنَ.

(فَائِدَةٌ): قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: حَدِيثُ جَابِرٍ لَا يَظْهَرُ فِيهِ الْإِسْنَادُ؛ لِأَنَّ سُفْيَانَ لَمْ يَقُلْ إِنَّ عَمْرًا قَالَ لَهُ: نَعَمْ. قَالَ: وَلَكِنْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي غَيْرِ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَزَادَ فِي آخِرِهِ: فَقَالَ: نَعَمْ، فَبَانَ بِقَوْلِهِ: نَعَمْ إِسْنَادُ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَرْجُوحِ فِي اشْتِرَاطِ قَوْلِ الشَّيْخِ نَعَمْ إِذَا قَالَ لَهُ الْقَارِئُ مَثَلًا: أَحَدَّثَكَ فَلَانٌ؟ وَالْمَذْهَبُ الرَّاجِحُ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُحَقِّقِينَ - وَمِنْهُمُ الْبُخَارِيُّ - أَنَّ ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ، بَلْ يُكْتَفَى بِسُكُوتِ الشَّيْخِ إِذَا كَانَ مُتَيَقِّظًا، وَعَلَى هَذَا فَالْإِسْنَادُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ ظَاهِرٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى تَعْظِيمِ قَلِيلِ الدَّمِ وكَثِيرِهِ، وَتَأْكِيدُ حُرْمَةِ الْمُسْلِمِ، وَجَوَازُ إِدْخَالِ السِّلَاحِ الْمَسْجِدَ. وَفِي الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنْ تَقْلِيبِ السِّلَاحِ فِي الْمَسْجِدِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ مَا تَقَدَّمَ.

٦٧ - بَاب الْمُرُورِ فِي الْمَسْجِدِ

٤٥٢ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: مَنْ مَرَّ فِي شَيْءٍ مِنْ مَسَاجِدِنَا أَوْ أَسْوَاقِنَا بِنَبْلٍ فَلْيَأْخُذْ عَلَى نِصَالِهَا لَا يَعْقِرْ بِكَفِّهِ مُسْلِمًا.

[الحديث ٤٥٢ - طرفه في: ٧٠٧٥]

قَوْلُهُ: (بَابُ الْمُرُورِ فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ: جَوَازِهِ، وَهُوَ مُسْتَنْبَطٌ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ جِهَةِ الْأَوْلَوِيَّةِ، فَإِنْ قِيلَ: مَا وَجْهُ تَخْصِيصِ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى بِتَرْجَمَةِ الْمُرُورِ، وَحَدِيثِ جَابِرٍ بِتَرْجَمَةِ الْأَخْذِ بِالنِّصَالِ، مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنَ الْحَدِيثَيْنِ يَدُلُّ عَلَى كُلٍّ مِنَ التَّرْجَمَتَيْنِ؟ أُجِيبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِالنَّظَرِ إِلَى لَفْظِ الْمَتْنِ، فَإِنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْمُرُورِ مِنْ لَفْظِ الشَّارِعِ، بِخِلَافِ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى فَإِنَّ فِيهِ لَفْظَ الْمُرُورِ مَقْصُودًا حَيْثُ جُعِلَ شَرْطًا وَرُتِّبَ عَلَيْهِ الْحُكْمَ، وَهَذَا بِالنَّظَرِ إِلَى اللَّفْظِ الَّذِي وَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ عَلَى شَرْطِهِ وَإِلَّا فَقَدَ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ بِلَفْظِ: إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ الْحَدِيثَ. وَعَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَادِ هُوَ ابْنُ زِيَادٍ، وَأَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ اسْمُهُ بَرِيدٌ، وَشَيْخُهُ هُوَ جَدُّهُ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْفِتَنِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ بَرِيدٍ نَحْوَهُ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِهِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ أَسْوَاقُنَا) هُوَ تَنْوِيعٌ مِنَ الشَّارِعِ وَلَيْسَ شَكًّا مِنَ الرَّاوِي، وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ: بِنَبْلٍ لِلْمُصَاحَبَةِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى نِصَالِهَا) ضُمِّنَ الْأَخْذُ مَعْنَى الِاسْتِعْلَاءِ لِلْمُبَالَغَةِ، أَوْ عَلَى بِمَعْنَى الْبَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي طَرِيقِ حَمَّادٍ، عَنْ عَمْرٍو، وَسَيَأْتِي مِنْ طَرِيقِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ.

قَوْلُهُ: (لَا يَعْقِرْ) أَيْ: لَا يَجْرَحْ، وَهُوَ مَجْزُومٌ نَظَرًا إِلَى أَنَّهُ جَوَابُ الْأَمْرِ، وَيَجُوزُ الرَّفْعُ.

قَوْلُهُ: (بِكَفِّهِ) مُتَعَلِّقٌ بُقُولِهِ فَلْيَأْخُذْ، وَكَذَا رِوَايَةُ الْأَصِيلِيِّ: لَا يَعْقِرْ مُسْلِمًا بِكَفِّهِ لَيْسَ قَوْلُهُ: بِكَفِّهِ مُتَعَلِّقًا بِيَعْقِرْ، وَالتَّقْدِيرُ: فَلْيَأْخُذْ بِكَفِّهِ عَلَى نِصَالِهَا لَا يَعْقِرْ مُسْلِمًا. وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ أَبِي أُسَامَةَ: فَلْيُمْسِكْ عَلَى نِصَالِهَا بِكَفِّهِ أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَفْظُ مُسْلِمٍ، وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ: فَلْيَأْخُذْ بِنِصَالِهَا، ثُمَّ لْيَأْخُذْ بِنِصَالِهَا، ثُمَّ لْيَأْخُذْ بِنِصَالِهَا.