للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَالَ: لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الْوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ، مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ.

قَوْلُهُ: (بَابُ السَّيْرِ وَحْدَهُ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَيْنِ:

أَحَدُهُمَا عن جَابِرٍ فِي انْتِدَابِ الزُّبَيْرِ وَحْدَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ هَلْ يُبْعَثُ الطَّلِيعَةُ وَحْدَهُ، وَتَعَقَّبَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ هَذَا الْحَدِيثَ كَيْفَ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ. وَقَرَّرَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الزُّبَيْرِ انْتَدَبَ أَنْ لَا يَكُونَ سَارَ مَعَهُ غَيْرُهُ مُتَابِعًا لَهُ.

قُلْتُ: لَكِنْ قَدْ وَرَدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الزُّبَيْرَ تَوَجَّهَ وَحْدَهُ، وَسَيَأْتِي فِي مَنَاقِبِ الزُّبَيْرِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَفِيهِ: قُلْتُ: يَا أَبَتِ رَأَيْتُكَ تَخْتَلِفُ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ بَنِي قُرَيْظَةَ؟ فَانْطَلَقْتُ الْحَدِيثَ.

قَوْلُهُ: (قَالَ سُفْيَانُ: الْحَوَارِيُّ النَّاصِرُ) هُوَ مَوْصُولٌ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْهُ.

ثَانِيهِمَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ قَوْلُهُ: (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الْوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ، مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ) سَاقَهُ عَلَى لَفْظِ أَبِي نُعَيْمٍ، وَقَوْلُهُ مَا أَعْلَمُ أَيِ الَّذِي أَعْلَمُهُ مِنَ الْآفَاتِ الَّتِي تَحْصُلُ مِنْ ذَلِكَ. وَالْوَحْدَةُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا وَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ.

(تَنْبِيهَانِ):

أَحَدُهُمَا: قَالَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ: قَالَ الْبُخَارِيُّ:، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ بِهِ، وَقَالَ بَعْدَهُ: وَأَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ عَاصِمٍ وَلَمْ يَقُلْ حَدَّثَنَا أَبُو نَعِيمٍ، وَلَا فِي كِتَابِ حَمَّادِ بْنِ شَاكِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ انْتَهَى. وَالَّذِي وَقَعَ لَنَا فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ، عَنِ الْبُخَارِيِّ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، وَكَذَلِكَ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ، عَنِ الْبُخَارِيِّ فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، فَسَاقَ الْإِسْنَادَ ثُمَّ قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ فَذَكَرَهُ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبِهَانِيُّ فِي الْمُسْتَخْرَجِ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، وَأَبِي الْوَلِيدِ، فَلَعَلَّ لَفْظَ: حَدَّثَنَا، فِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ سَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ شَاكِرٍ وَحْدَهُ.

ثَانِيهِمَا: ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ أَنَّ عَاصِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ تَفَرَّدَ بِرِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ أَخَاهُ قَدْ رَوَاهُ مَعَهُ عَنْ أَبِيهِ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ. قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: السَّيْرُ لِمَصْلَحَةِ الْحَرْبِ أَخَصُّ مِنَ السَّفَرِ، وَالْخَبَرُ وَرَدَ فِي السَّفَرِ، فَيُؤْخَذُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ جَوَازُ السَّفَرِ مُنْفَرِدًا لِلضَّرُورَةِ وَالْمَصْلَحَةِ الَّتِي لَا تَنْتَظِمُ إِلَّا بِالِانْفِرَادِ؛ كَإِرْسَالِ الْجَاسُوسِ وَالطَّلِيعَةِ، وَالْكَرَاهَةُ لِمَا عَدَا ذَلِكَ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ حَالَةُ الْجَوَازِ مُقَيَّدَةً بِالْحَاجَةِ عِنْدَ الْأَمْنِ وَحَالَةُ الْمَنْعِ مُقَيَّدَةً بِالْخَوْفِ حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ، وَقَدْ وَقَعَ فِي كُتُبِ الْمَغَازِي بَعْثُ كُلٍّ مِنْ حُذَيْفَةَ، وَنُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ، وَخَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، وَسَالِمِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَبُسْبَسَةَ (١) فِي عِدَّةِ مَوَاطِنَ وَبَعْضُهَا فِي الصَّحِيحِ، وَتَقَدَّمَ فِي الشُّرُوطِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ; وَيَأْتِي فِي بَابِ الْجَاسُوسِ بَعْدَ قَلِيلٍ.

١٣٦ - بَاب السُّرْعَةِ فِي السَّيْرِ

وقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: قَالَ النَّبِيُّ : إِنِّي مُتَعَجِّلٌ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِي فليتعجل.

٢٩٩٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: سُئِلَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ كَانَ يَحْيَى يَقُولُ: وَأَنَا أَسْمَعُ فَسَقَطَ عَنِّي - عَنْ مَسِيرِ النَّبِيِّ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فقَالَ: فَكَانَ يَسِيرُ


(١) هو بسبسة بن عمرو الجهني. ورد في صحيح مسلم من حديث أنس أنه بعثه عينا ينظر ما صنعت عير أبي سفيان