حَدِيثَيِ الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٤٠ - بَاب التِّجَارَةِ فِيمَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ
٢١٠٤ - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَرْسَلَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى عُمَرَ ﵁ بِحُلَّةِ حَرِيرٍ - أَوْ سِيَرَاءَ - فَرَآهَا عَلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي أُرْسِلْ بِهَا إِلَيْكَ لِتَلْبَسَهَا إِنَّمَا يَلْبَسُهَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ، إِنَّمَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ لِتَسْتَمْتِعَ بِهَا. يَعْنِي تَبِيعَهَا.
٢١٠٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ﵂ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَامَ عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَدْخُل فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ ﷺ مَاذَا أَذْنَبْتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ؟ قُلْتُ: اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعَذَّبُونَ، فَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ. وَقَالَ: إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ.
[الحديث ٢١٠٥ - أطرافه في ٣٢٢٤، ٥١٨١، ٥٩٥٧، ٥٩٦١، ٧٥٥٧]
قَوْلُهُ: (بَابُ التِّجَارَةِ فِيمَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) أَيْ: إِذَا كَانَ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ غَيْرُ مَنْ كُرِهَ لَهُ لُبْسُهُ، أَمَّا مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ شَرْعِيَّةٌ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ أَصْلًا عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ، وَذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَيْنِ: أَحَدُهُمَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي قِصَّةِ عُمَرَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدَ وَفِيهِ قَوْلُهُ ﷺ: إِنَّمَا بَعَثْتُ بِهَا إِلَيْكَ لِتَسْتَمْتِعَ بِهَا يَعْنِي: تَبِيعَهَا. وَسَيَأْتِي فِي اللِّبَاسِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِلَفْظِ: إِنَّمَا بَعَثْتُ بِهَا إِلَيْكَ لِتَبِيعَهَا أَوْ لِتَكْسُوَهَا وَهُوَ وَاضِحٌ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ هُنَا مِنْ جَوَازِ بَيْعِ مَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ لِلرِّجَالِ، وَالتِّجَارَةُ وَإِنْ كَانَتْ أَخَصَّ مِنَ الْبَيْعِ لَكِنَّهَا جُزْؤُهُ الْمُسْتَلْزِمَةُ لَهُ، وَأَمَّا مَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ لِلنِّسَاءِ فَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ، أَوِ الْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ فِي التَّرْجَمَةِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ التَّحْرِيمِ وَالتَّنْزِيهِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، فَعُرِفَ بِهَذَا جَوَابُ مَا اعْتَرَضَ بِهِ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ لَا يُطَابِقُ التَّرْجَمَةَ حَيْثُ ذُكِرَ فِيهَا النِّسَاءُ.
الثَّانِي حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ النُّمْرُقَةِ الْمُصَوَّرَةِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَعَلَى الَّذِي قَبْلَهُ مُسْتَوْفى فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ ﷺ لَمْ يَفْسَخِ الْبَيْعَ فِي النُّمْرُقَةِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ ﷺ تَوَكَّأَ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَالثَّوْبُ الَّذِي فِيهِ الصُّورَةُ يَشْتَرِكُ فِي الْمَنْعِ مِنْهُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فَهُوَ مُطَابِقٌ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ، بِخِلَافِ مَا اعْتَرَضَ بِهِ الْإِسْمَاعِيلِيُّ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: فِي التَّرْجَمَةِ إِشْعَارٌ بِحَمْلِ قَوْلِهِ: إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ عَلَى الْعُمُومِ حَتَّى يَشْتَرِكَ فِي ذَلِكَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، لَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالرِّجَالِ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَشْتَرِكُ فِيهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْمَنْعُ مِنَ النُّمْرُقَةِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ يَدُلُّ عَلَى بَعْضِ التَّرْجَمَةِ، وَحَدِيثَ عَائِشَةَ يَدُلُّ عَلَى جَمِيعِهَا.
٤١ - بَاب صَاحِبُ السِّلْعَةِ أَحَقُّ بِالسَّوْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute