سَمِعْتُ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.
قَوْلُهُ: (يَا أَبَا مُوسَى، لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ) كَذَا وَقَعَ عِنْدَهُ مُخْتَصَرًا مِنْ طَرِيقِ بُرَيْدٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بِلَفْظِ: لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَسْتَمِعُ قِرَاءَتَكَ الْبَارِحَةَ الْحَدِيثَ. وَأَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ بِزِيَادَةٍ فِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَعَائِشَةَ مَرَّا بِأَبِي مُوسَى وَهُوَ يَقْرَأُ فِي بَيْتِهِ، فَقَامَا يَسْتَمِعَانِ لِقِرَاءَتِهِ، ثُمَّ إِنَّهُمَا مَضَيَا.
فَلَمَّا أَصْبَحَ لَقِيَ أَبُو مُوسَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا أَبَا مُوسَى، مَرَرْتُ بِكَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَقَالَ: أَمَا إِنِّي لَوْ عَلِمْتُ بِمَكَانِكَ لَحَبَّرْتُهُ لَكَ تَحْبِيرًا وَلِابْنِ سَعْدٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ أَنَّ أَبَا مُوسَى قَامَ لَيْلَةً يُصَلِّي، فَسَمِعَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ ﷺ صَوْتَهُ - وَكَانَ حُلْوَ الصَّوْتِ - فَقُمْنَ يَسْتَمِعْنَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قِيلَ لَهُ، فَقَالَ: لَوْ عَلِمْتُ لَحَبَّرْتُهُ لَهُنَّ تَحْبِيرًا وَلِلرُّويَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ نَحْوَ سِيَاقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، وَقَالَ فِيهِ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَسْتَمِعُ قِرَاءَتِي لَحَبَّرْتُهَا تَحْبِيرًا وَأَصْلُهَا عِنْدَ أَحْمَدَ، وَعِنْدَ الدَّارِمِيِّ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ لِأَبِي مُوسَى - وَك انَ حَسَنَ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ -: لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ، فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ إِلَى هَذِهِ الطَّرِيقِ فِي التَّرْجَمَةِ، وَأَصْلُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ مَوْصُولًا بِذِكْرِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيهِ وَلَفْظُهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ سَمِعَ قِرَاءَةَ أَبِي مُوسَى فَقَالَ: لَقَدْ أُوتِيَ مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى الزُّهْرِيِّ، فَقَالَ مَعْمَرٌ، وَسُفْيَانُ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَقَالَ اللَّيْثُ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ مُرْسَلًا، وَلِأَبِي يَعْلَى مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ سَمِعَ النَّبِيُّ ﷺ صَوْتَ أَبِي مُوسَى فَقَالَ: كَأَنَّ صَوْتَ هَذَا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ دَارَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فَمَا سَمِعْتُ صَوْتَ صَنْجٍ وَلَا بَرْبَطٍ وَلَا نَايٍ أَحْسَنَ مِنْ صَوْتِهِ سَنَدُهُ صَحِيحٌ وَهُوَ فِي الْحِلْيَةِ لِأَبِي نُعَيْمٍ وَالصَّنْجُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ بَعْدَهَا جِيمٌ هُوَ آلَةٌ تُتَّخَذُ مِنْ نُحَاسٍ كَالطَّبَقَيْنِ يُضْرَبُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، وَالْبَرْبَطُ بِالْمُوَحَّدَتَيْنِ بَيْنَهُمَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ طَاءٌ مُهْمَلَةٌ بِوَزْنِ جَعْفَرٍ هُوَ آلَةٌ تُشْبِهُ الْعُودَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَالنَّايُ بِنُونٍ بِغَيْرِ هَمْزٍ هُوَ الْمِزْمَارُ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَوْلُهُ: آلِ دَاوُدَ يُرِيدُ دَاوُدَ نَفْسَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَوْلَادِ دَاوُدَ وَلَا مِنْ أَقَارِبِهِ كَانَ أُعْطِيَ مِنْ حُسْنِ الصَّوْتِ مَا أُعْطِيَ. قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَوْرَدَهُ مِنَ الطَّرِيقِ الْأُخْرَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ: مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ مَا نُقِلَ عَنِ السَّلَفِ فِي صِفَةِ صَوْتِ دَاوُدَ، وَالْمُرَادُ بِالْمِزْمَارِ الصَّوْتُ الْحَسَنُ، وَأَصْلُهُ الْآلَةُ أُطْلِقَ اسْمُهُ عَلَى الصَّوْتِ لِلْمُشَابَهَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ غَيْرُ الْمَقْرُوءِ، وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَحْثٍ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٣٢ - بَاب مَنْ أَحَبَّ أَنْ يستمع الْقُرْآنَ مِنْ غَيْرِهِ
٥٠٤٩ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ الْأَعْمَشِ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ﵁، قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: اقْرَأْ عَلَيَّ الْقُرْآنَ. قُلْتُ: آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟! قَالَ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي.
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْتَمِعَ الْقُرْآنَ مِنْ غَيْرِهِ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ الْقِرَاءَةَ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ لِيَ النَّبِيُّ ﷺ: اقْرَأْ عَلَيَّ الْقُرْآنَ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا، ثُمَّ أَوْرَدَهُ مُطَوَّلًا فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ بَابُ قَوْلِ الْمُقْرِئِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute