للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَصَلَّوْا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّوُا الْغَدَاةَ. وَنَحْوُهُ لِلدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ صَاحِبُ الْهُدَى: لَمْ يُحْفَظْ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ صَلَّى سُنَّةَ الصَّلَاةِ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا فِي السَّفَرِ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ سُنَّةِ الْفَجْرِ. قُلْتُ: وَيَرِدُ عَلَى إِطْلَاقِهِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: سَافَرْتُ مَعَ النَّبِيِّ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَفَرًا فَلَمْ أَرَهُ تَرَكَ رَكْعَتَيْنِ إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ الظُّهْرِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ، لَكِنِ التِّرْمِذِيُّ اسْتَغْرَبَهُ وَنُقِلَ عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ رَآهُ حَسَنًا، وَقَدْ حَمَلَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى سُنَّةِ الزَّوَالِ لَا عَلَى الرَّاتِبَةِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (مَا أَخْبَرَنَا أَحَدٌ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى الضُّحَى غَيْرُ أُمِّ هَانِئٍ) هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْوُقُوعِ؛ لِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى إِنَّمَا نَفَى ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ بَطَّالٍ: لَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَتَرِدُ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي أَنَّهُ صَلَّى الضُّحَى وَأَمَرَ بِهَا، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْهَا جُمْلَةً، فَلَا يَرِدُ عَلَى ابْنِ أَبِي لَيْلَى شَيْءٌ مِنْهَا، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى صَلَاةِ الضُّحَى فِي بَابٍ مُفْرَدٍ فِي أَبْوَابِ التَّطَوُّعِ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهُ صَلَّاهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ حِينَئِذٍ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُسَافِرِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ) قَدْ تَقَدَّمَ قَبْلُ بِبَابَيْنِ مَوْصُولًا مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ، عَنْ عُقَيْلٍ، وَلَكِنْ لَفْظُ الرِّوَايَتَيْنِ مُخْتَلِفٌ، وَرِوَايَةُ يُونُسَ هَذِهِ وَصَلَهَا الذُّهْلِيُّ فِي الزُّهْرِيَّاتِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (يُومِئُ بِرَأْسِهِ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ يُسَبِّحُ أَيْ يُصَلِّي إِيمَاءً، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْإِيمَاءِ عَلَى الدَّابَّةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، لَكِنْ هُنَاكَ ذَكَرَهُ مَوْقُوفًا ثُمَّ عَقَّبَهُ بِالْمَرْفُوعِ، وَهَذَا ذُكِرَ مَرْفُوعًا ثُمَّ عَقَّبَهُ بِالْمَوْقُوفِ، وَفَائِدَةُ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْحُجَّةَ قَائِمَةٌ بِالْمَرْفُوعِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ الْعَمَلَ اسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَتَطَرَّقْ إِلَيْهِ نَسْخٌ وَلَا مُعَارِضٌ وَلَا رَاجِحٌ، وَقَدِ اشْتَمَلَتْ أَحَادِيثُ الْبَابِ عَلَى أَنْوَاعٍ مَا يُتَطَوَّعُ بِهِ سِوَى الرَّاتِبَةِ الَّتِي بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ، فَالْأَوَّلُ لِمَا قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ، وَالثَّانِي لِمَا لَهُ وَقْتٌ مَخْصُوصٌ مِنَ النَّوَافِلِ كَالضُّحَى، وَالثَّالِثُ لِصَلَاةِ اللَّيْلِ، وَالرَّابِعُ لِمُطْلَقِ النَّوَافِلِ. وَقَدْ جَمَعَ ابْنُ بَطَّالٍ بَيْنَ مَا اخْتُلِفَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَ يَمْنَعُ التَّنَفُّلَ عَلَى الْأَرْضِ وَيَقُولُ بِهِ عَلَى الدَّابَّةِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ: لَعَلَّ النَّبِيَّ كَانَ يُصَلِّي الرَّوَاتِبَ فِي رَحْلِهِ وَلَا يَرَاهُ ابْنُ عُمَرَ، أَوْ لَعَلَّهُ تَرَكَهَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ لِبَيَانِ الْجَوَازِ اهـ. وَمَا جَمَعْنَا بِهِ تَبَعًا لِلْبُخَارِيِّ فِيمَا يَظْهَرُ أَظْهَرُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

١٣ - بَاب الْجَمْعِ فِي السَّفَرِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ

١١٠٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ.

١١٠٧ - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ الْحُسَيْنِ الْمُعَلِّمِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَجْمَعُ بَيْنَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ إِذَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ سَيْرٍ، وَيَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.

١١٠٨ - وَعَنْ حُسَيْنٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ يَجْمَعُ بَيْنَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي السَّفَرِ.