١٩ - كتاب التَّهَجُّد
١ - بَاب التَّهَجُّدِ بِاللَّيْلِ، وَقَوْلِهِ ﷿: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ﴾
١١٢٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ لَكَ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ مَلِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ ﷺ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ - أَوْ لَا إِلَهَ غَيْرُكَ -، قَالَ سُفْيَانُ: وَزَادَ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ: وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ، سَمِعَهُ مِنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ.
[الحديث ١١٢٠ - أطرافه في: ٦٣١٧، ٧٣٨٥، ٧٤٤٢، ٧٤٩٩]
قَوْلُهُ: (بَابُ التَّهَجُّدِ بِاللَّيْلِ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: مِنَ اللَّيْلِ. وَهُوَ أَوْفَقُ لِلَفْظِ الْآيَةِ، وَسَقَطَتِ الْبَسْمَلَةُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ.
وَقَصَدَ الْبُخَارِيُّ إِثْبَاتَ مَشْرُوعِيَّةِ قِيَامِ اللَّيْلِ مَعَ عَدَمِ التَّعَرُّضِ لِحُكْمِهِ، وَقَدْ أَجْمَعُوا إلَّا شُذُوذًا مِنَ الْقُدَمَاءِ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ لَيْسَتْ مَفْرُوضَةً عَلَى الْأُمَّةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي كَوْنِهَا مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ ﷺ، وَسَيَأْتِي تَصْرِيحُ الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَى الْأُمَّةِ قَرِيبًا.
قَوْلُهُ: (وَقَوْلُهُ ﷿: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ﴾ زَادَ أَبُو ذَرٍّ فِي رِوَايَتِهِ: اسْهَرْ بِهِ، وَحَكَاهُ الطَّبَرِيُّ أَيْضًا، وَفِي الْمَجَازِ لِأَبِي عُبَيْدَةَ: قَوْلُهُ: ﴿فَتَهَجَّدْ بِهِ﴾ أَيِ: اسْهَرْ بِصَلَاةٍ. وَتَفْسِيرُ التَّهَجُّدِ بِالسَّهَرِ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ، وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ، يُقَالُ: تَهَجَّدَ إِذَا سَهِرَ، وَتَهَجَّدَ إِذَا نَامَ، حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ: هَجَدْتُ نِمْتُ، وَتَهَجَّدْتُ سَهِرْتُ، حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَصَاحِبُ الْعَيْنِ، فَعَلَى هَذَا أَصْلُ الْهُجُودِ: النَّوْمُ، وَمَعْنَى تَهَجَّدْتُ: طَرَحْتُ عَنِّي النَّوْمَ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: التَّهَجُّدُ السَّهَرُ بَعْدَ نَوْمَةٍ، ثُمَّ سَاقَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ. وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ: الْمُتَهَجِّدُ الْمُصَلِّي لَيْلًا. وَقَالَ كُرَاعٌ: التَّهَجُّدُ صَلَاةُ اللَّيْلِ خَاصَّةً.
قَوْلُهُ: ﴿نَافِلَةً لَكَ﴾ النَّافِلَةُ فِي اللُّغَةِ الزِّيَادَةُ، فَقِيلَ: مَعْنَاهُ عِبَادَةٌ زَائِدَةٌ فِي فَرَائِضِكَ. وَرَوَى الطَّبَرِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّافِلَةَ لِلنَّبِيِّ ﷺ خَاصَّةٌ؛ لِأَنَّهُ أُمِرَ بِقِيَامِ اللَّيْلِ وَكُتِبَ عَلَيْهِ دُونَ أُمَّتِهِ. وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ زِيَادَةٌ لَكَ خَالِصَةٌ؛ لِأَنَّ تَطَوُّعَ غَيْرِهِ يُكَفِّرُ مَا عَلَى صَاحِبِهِ مِنْ ذَنْبٍ، وَتَطَوُّعُهُ هُوَ ﷺ يَقَعُ خَالِصًا لَهُ لِكَوْنِهِ لَا ذَنْبَ عَلَيْهِ، وَرَوَى مَعْنَى ذَلِكَ الطَّبَرِيُّ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَعَنْ قَتَادَةَ كَذَلِكَ، وَرَجَّحَ الطَّبَرِيُّ الْأَوَّلَ، وَلَيْسَ الثَّانِي بِبَعِيدٍ مِنَ الصَّوَابِ.
قَوْلُهُ: (إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute