بِمُهْمَلَتَيْنِ وَفَاءٍ: الْأَجِيرُ وَزْنًا وَمَعْنًى، وَخَالِدٌ أَوَّلُ مَشَاهِدِهِ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ غَزْوَةُ الْفَتْحِ، وَفِي ذَلِكَ الْعَامِ كَانَتْ غَزْوَةُ حُنَيْنٍ، وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ مَكَّةَ أُتِيَ بِامْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ فَقَالَ: مَا كَانَتْ هَذِهِ تُقَاتِلُ، وَنَهَى فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى امْرَأَةً مَقْتُولَةً بِالطَّائِفِ فَقَالَ:: أَلَمْ أَنْهَ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ، مَنْ صَاحِبُهَا؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرْدَفْتُهَا فَأَرَادَتْ أَنْ تَصْرَعَنِي فَتَقْتُلَنِي فَقَتَلْتُهَا، فَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُوَارَى. وَيُحْتَمَلُ فِي هَذِهِ التَّعَدُّدُ، وَالَّذِي جَنَحَ إِلَيْهِ غَيْرُهُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْكُوفِيِّينَ، وَقَالُوا: إِذَا قَاتَلَتِ الْمَرْأَةُ جَازَ قَتْلُهَا. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: لَا يَجُوزُ الْقَصْدُ إِلَى قَتْلِهَا إِلَّا إِنْ بَاشَرَتِ الْقَتْلَ وَقَصَدَتْ إِلَيْهِ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ الْمُرَاهِقُ. وَيُؤَيِّدُ قَوْلَ الْجُمْهُورِ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ رِيَاحِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَهُوَ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالتَّحْتَانِيَّةِ، التَّمِيمِيُّ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي غَزْوَةٍ، فَرَأَى النَّاسَ مُجْتَمِعِينَ، فَرَأَى امْرَأَةً مَقْتُولَةً فَقَالَ: مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهَا لَوْ قَاتَلَتْ لَقُتِلَتْ، وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ كَمَا نَقَلَ ابْنُ بَطَّالٍ وَغَيْرُهُ عَلَى مَنْعِ الْقَصْدِ إِلَى قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ، أَمَّا النِّسَاءُ فَلِضَعْفِهِنَّ، وَأَمَّا الْوِلْدَانُ فَلِقُصُورِهِمْ عَنْ فِعْلِ الْكُفْرِ، وَلِمَا فِي اسْتِبْقَائِهِمْ جَمِيعًا مِنَ الِانْتِفَاعِ بِهِمْ إِمَّا بِالرِّقِّ أَوْ بِالْفِدَاءِ فِيمَنْ يَجُوزُ أَنْ يُفَادَى بِهِ. وَحَكَى الْحَازِمِيُّ قَوْلًا بِجَوَازِ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ عَلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ الصَّعْبِ، وَزَعَمَ أَنَّهُ نَاسِخٌ لِأَحَادِيثِ النَّهْيِ، وَهُوَ غَرِيبٌ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى قَتْلِ الْمَرْأَةِ الْمُرْتَدَّةِ فِي كِتَابِ الْقِصَاصِ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْعَمَلِ بِالْعَامِّ حَتَّى يَرِدَ الْخَاصُّ، لِأَنَّ الصَّحَابَةَ تَمَسَّكُوا بِالْعُمُومَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى قَتْلِ أَهْلِ الشِّرْكِ، ثُمَّ نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فَخَصَّ ذَلِكَ الْعُمُومَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ إِلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ. وَيُسْتَنْبَطُ مِنْهُ الرَّدُّ عَلَى مَنْ يَتَخَلَّى عَنِ النِّسَاءِ وَغَيْرِهِنَّ مِنْ أَصْنَافِ الْأَمْوَالِ زُهْدًا لِأَنَّهُمْ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَحْصُلُ مِنْهُمُ الضَّرَرُ فِي الدِّينِ لَكِنْ يَتَوَقَّفُ تَجَنُّبُهُمْ عَلَى حُصُولِ ذَلِكَ الضَّرَرِ، فَمَتَى حَصَلَ اجْتُنِبَتْ وَإِلَّا فَلْيُتَنَاوَلْ مِنْ ذَلِكَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ.
١٤٧ - بَاب قَتْلِ الصِّبْيَانِ فِي الْحَرْبِ
٣٠١٤ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ، ﵁، أَخْبَرَهُ أَنَّ امْرَأَةً وُجِدَتْ فِي بَعْضِ مَغَازِي النَّبِيِّ ﷺ مَقْتُولَةً، فَأَنْكَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَتْلَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ.
[الحديث ٣٠١٤ - طرفه في: ٣٠١٥]
قَوْلُهُ: (بَابُ قَتْلِ الصِّبْيَانِ فِي الْحَرْبِ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ مِنْ طَرِيقِ لَيْثٍ وَهُوَ ابْنُ سَعْدٍ بِلَفْظِ: فَأَنْكَرَ
١٤٨ - بَاب قَتْلِ النِّسَاءِ فِي الْحَرْبِ
٣٠١٥ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ: حَدَّثَكُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَالَ: وُجِدَتْ امْرَأَةٌ مَقْتُولَةً فِي بَعْضِ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute