للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَهُوَ كَوْنُ الْأَعْمَالِ كَفَّارَةً إِلَّا الصَّوْمَ؛ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ فِي الْإِثْبَاتِ عَلَى كَفَّارَةِ شَيْءٍ مَخْصُوصٍ، وَفِي النَّفْيِ عَلَى كَفَّارَةِ شَيْءٍ آخَرَ، وَقَدْ حَمَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَلَى تَكْفِيرِ مُطْلَقِ الْخَطِيئَةِ، فَقَالَ فِي الزَّكَاةِ: بَابٌ الصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ، ثُمَّ أَوْرَدَ هَذَا الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ، وَيُؤَيِّدُ الْإِطْلَاقَ مَا ثَبَتَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا مَرْفُوعًا: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي الصَّلَاةِ.

وَلِابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَعَرَفَ حُدُودَهُ كَفَّرَ مَا قَبْلَهُ. وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ: إِنَّ صِيَامَ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ وَصِيَامَ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ سَنَةً. وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ: كُلُّ الْعَمَلِ كَفَّارَةٌ إِلَّا الصِّيَامَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ: إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ كَفَّارَةٌ، وَزِيَادَةُ ثَوَابٍ عَلَى الْكَفَّارَةِ، وَيَكُونَ الْمُرَادُ بِالصِّيَامِ الَّذِي هَذَا شَأْنُهُ مَا وَقَعَ خَالِصًا سَالِمًا مِنَ الرِّيَاءِ وَالشَّوَائِبِ، كَمَا تَقَدَّمَ شَرْحُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٤ - بَاب الرَّيَّانُ لِلصَّائِمِينَ

١٨٩٦ - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ ، عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ.

[الحديث ١٨٩٦ - طرفه في ٣٢٥٧]

١٨٩٧ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنِي مَعْنٌ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قال: "مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا قَالَ نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ"

[الحديث ١٨٩٧ - أطرافه في: ٢٨٤١، ٣٢١٦، ٣٦٦٦]

قَوْلُهُ: (بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ (الرَّيَّانُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ وَزْنُ فَعْلَانَ مِنَ الرِّيِّ: اسْمُ عَلَمٍ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَخْتَصُّ بِدُخُولِ الصَّائِمِينَ مِنْهُ، وَهُوَ مِمَّا وَقَعَتِ الْمُنَاسَبَةُ فِيهِ بَيْنَ لَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الرِّيِّ وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِحَالِ الصَّائِمِينَ، وَسَيَأْتِي أَنَّ مَنْ دَخَلَهُ لَمْ يَظْمَأْ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: اكْتُفِيَ بِذِكْرِ الرِّيِّ عَنِ الشِّبَعِ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَسْتَلْزِمُهُ، قُلْتُ: أَوْ لِكَوْنِهِ أَشَقَّ عَلَى الصَّائِمِ مِنَ الْجُوعِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ) هُوَ ابْنُ دِينَارٍ، وَسَهْلٌ هُوَ ابْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ.

قَوْلُهُ: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا) قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: إِنَّمَا قَالَ: فِي الْجَنَّةِ، وَلَمْ يَقُلْ: لِلْجَنَّةِ لِيُشْعِرَ بِأَنَّ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ مِنَ النَّعِيمِ وَالرَّاحَةِ فِي الْجَنَّةِ، فَيَكُونَ أَبْلَغَ فِي التَّشَوُّقِ إِلَيْهِ. قُلْتُ: وَقَدْ جَاءَ الْحَدِيثُ مِنْ وَجْهٍ