قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ بِنْتِ مَخَاضٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ) أَوْرَدَ فِيهِ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا تَرْجَمَ بِهِ، وَقَدْ أَوْرَدَ الْحُكْمَ الَّذِي تَرْجَمَ بِهِ فِي بَابِ الْعَرْضِ فِي الزَّكَاةِ، وَحَذَفَهُ هُنَا، فَقَالَ ابنُ بَطَّالٍ: هَذِهِ غَفْلَةٌ مِنْهُ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ رَشِيدٍ وَقَالَ: بَلْ هِيَ غَفْلَةٌ مِمَّنْ ظَنَّ بِهِ الْغَفْلَةَ، وَإِنَّمَا مَقْصِدُهُ أَنْ يَسْتَدِلَّ عَلَى مَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ هِيَ وَلَا ابْنُ لَبُونٍ، لَكِنْ عِنْدَهُ مَثَلًا حِقَّةٌ، وَهِيَ أَرْفَعُ مِنْ بِنْتِ مَخَاضٍ، لِأَنَّ بَيْنَهُمَا بِنْتَ لَبُونٍ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ بَيْنَ بِنْتِ اللَّبُونِ وَبِنْتِ الْمَخَاضِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا وَقَعَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ مِنْ سِنٍّ يَزِيدُ أَوْ يَنْقُصُ إِنَّمَا ذَكَرَ فِيهِ مَا يَلِيهَا لَا مَا يَقَعُ بَيْنَهُمَا بِتَفَاوُتِ دَرَجَةٍ، فَأَشَارَ الْبُخَارِيُّ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَنْبَطُ مِنَ الزَّائِدِ وَالنَّاقِصِ وَالْمُنْفَصِلِ مَا يَكُونُ مُنْفَصِلًا بِحِسَابِ ذَلِكَ، فَعَلَى هَذَا مَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ مَخَاضٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ إِلَّا حِقَّةٌ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ الْمُصَدِّقُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا أَوْ أَرْبَعَ شِيَاهٍ جُبْرَانًا أَوْ بِالْعَكْسِ، فَلَوْ ذَكَرَ اللَّفْظَ الَّذِي تَرْجَمَ بِهِ لَمَا أَفْهَمَ هَذَا الْغَرَضَ، فَتَدَبَّرْهُ.
انْتَهَى، قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: مَنْ أَمْعَنَ النَّظَرَ فِي تَرَاجِمِ هَذَا الْكِتَابِ وَمَا أَوْدَعَهُ فِيهَا مِنْ أَسْرَارِ الْمَقَاصِدِ اسْتَبْعَدَ أَنْ يَغْفُلَ أَوْ يُهْمِلَ أَوْ يَضَعَ لَفْظًا بِغَيْرِ مَعْنًى أَوْ يَرْسُمَ فِي الْبَابِ خَبَرًا يَكُونُ غَيْرُهُ بِهِ أَقْعَدَ وَأَوْلَى، وَإِنَّمَا قَصَدَ بِذِكْرِ مَا لَمْ يُتَرْجِمْ بِهِ أَنْ يُقَرِّرَ أَنَّ الْمَفْقُودَ إِذَا وَجَدَ الْأَكْمَلَ مِنْهُ أَوِ الْأَنْقَصَ شُرِعَ الْجُبْرَانُ كَمَا شُرِعَ ذَلِكَ فِيمَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الْخَبَرُ مِنْ ذِكْرِ الْأَسْنَانِ، فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ فَقْدِ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَوُجُودِ الْأَكْمَلِ مِنْهَا، قَالَ: وَلَوْ جُعِلَ الْعُمْدَةُ فِي هَذَا الْبَابِ الْخَبَرَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى ذِكْرِ فَقْدِ بِنْتِ الْمَخَاضِ لَكَانَ نَصًّا فِي التَّرْجَمَةِ ظَاهِرًا، فَلَمَّا تَرَكَهُ وَاسْتَدَلَّ بِنَظِيرِهِ أَفْهَمَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْإِلْحَاقِ بِنَفْيِ الْفَرْقِ وَتَسْوِيَتِهِ بَيْنَ فَقْدِ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَوُجُودِ الْأَكْمَلِ مِنْهَا وَبَيْنَ فَقْدِ الْحِقَّةِ وَوُجُودِ الْأَكْمَلِ مِنْهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٣٨ - بَاب زَكَاةِ الْغَنَمِ
١٤٥٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى الْأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ ﵁ كَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ، فَمَنْ سُئِلَهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا، وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلَا يُعْطِ: فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ فَمَا دُونَهَا مِنْ الْغَنَمِ مِنْ كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ أُنْثَى، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ أُنْثَى، فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ أُنْثَى، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ إِلَى سِتِّينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْجَمَلِ، فَإِذَا بَلَغَتْ وَاحِدَةً وَسِتِّينَ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ - يَعْنِي سِتًّا وَسَبْعِينَ - إِلَى تِسْعِينَ فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْجَمَلِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلَّا أَرْبَعٌ مِنْ الْإِبِلِ فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ فَفِيهَا شَاةٌ، وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ إِلَى مِائَتَيْنِ شَاتَانِ، فَإِذَا زَادَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute