للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ عِيسَى عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا يَكْرَهُ الْكُحْلَ لِلصَّائِمِ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ يُرَخِّصُ أَنْ يَكْتَحِلَ الصَّائِمُ بِالصَّبْرِ وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ حَفْصٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: لَا بَأْسَ بِالْكُحْلِ لِلصَّائِمِ مَا لَمْ يَجِدْ طَعْمَهُ.

ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ يَغْتَسِلُ بَعْدَ الْفَجْرِ وَيَصُومُ، وَأَوْرَدَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِهَا وَحَدِيثِ أُمِّ سَلِمَةَ وَهُوَ مُطَابِقٌ لِمَا تَرْجَمَ لَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى قَبْلَ بَابَيْنِ، بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى.

٢٦ - بَاب الصَّائِمِ إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا

وَقَالَ عَطَاءٌ: إِنْ اسْتَنْثَرَ فَدَخَلَ الْمَاءُ فِي حَلْقِهِ لَا بَأْسَ إِنْ لَمْ يَمْلِكْ

وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنْ دَخَلَ حَلْقَهُ الذُّبَابُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

وَقَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ: إِنْ جَامَعَ نَاسِيًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

١٩٣٣ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: إِذَا نَسِيَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ.

[الحديث ١٩٣٣ - طرفه في ٦٦٦٩]

قَوْلُهُ: (بَابٌ الصَّائِمُ إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا) أَيْ: هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ أَوْ لَا؟ وَهِيَ مَسْأَلَةُ خِلَافٍ مَشْهُورَةٌ، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ، وَعَنْ مَالِكٍ يَبْطُلُ صَوْمُهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ. قَالَ عِيَاضٌ: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ شَيْخِهِ رَبِيعٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِ مَالِكٍ، لَكِنْ فَرَّقُوا بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ. وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: لَعَلَّ مَالِكًا لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ، أَوْ أَوَّلَهُ عَلَى رَفْعِ الْإِثْمِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ عَطَاءٌ: إِنِ اسْتَنْثَرَ فَدَخَلَ الْمَاءُ فِي حَلْقِهِ لَا بَأْسَ إِنْ لَمْ يَمْلِكْ) أَيْ: دَفْعَ الْمَاءِ بِأَنْ غَلَبَهُ، فَإِنْ مَلَكَ دَفْعَ الْمَاءِ فَلَمْ يَدْفَعْهُ حَتَّى دَخَلَ حَلْقَهُ أَفْطَرَ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، وَالنَّسَفِيِّ: لَا بَأْسَ، لَمْ يَمْلِكْ بِإِسْقَاطِ إِنْ وَهِيَ عَلَى هَذَا جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ كَالتَّعْلِيلِ لِقَوْلِهِ: لَا بَأْسَ وَهَذَا الْأَثَرُ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ: إِنْسَانٌ يَسْتَنْثِرُ فَدَخَلَ الْمَاءُ فِي حَلْقِهِ. قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَقَالَهُ مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا مَخْلَدٌ عَنِ ابْنِ أَبِي جُرَيْجٍ إنَّ إِنْسَانًا قَالَ لِعَطَاءٍ: أُمَضْمِضُ فَيَدْخُلُ الْمَاءُ فِي حَلْقِي. قَالَ: لَا بَأْسَ، لَمْ يَمْلِكْ وَهَذَا يُقَوِّي رِوَايَةَ أَبِي ذَرٍّ، وَالنَّسَفِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنْ دَخَلَ الذُّبَابُ فِي حَلْقِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الرَّجُلِ يَدْخُلُ فِي حَلْقِهِ الذُّبَابُ وَهُوَ صَائِمٌ، قَالَ: لَا يُفْطِرُ وَعَنْ وَكِيعٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: لَا يُفْطِرُ وَمُنَاسَبَةُ هَذَيْنِ الْأَثَرَيْنِ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمَغْلُوبَ بِدُخُولِ الْمَاءِ حَلْقَهُ أَوِ الذُّبَابِ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِي ذَلِكَ كَالنَّاسِي، قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ: أَدْخَلَ الْمَغْلُوبَ فِي تَرْجَمَةِ النَّاسِي لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي تَرْكِ الْعَمْدِ وَسَلْبِ الِاخْتِيَارِ. وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ مَنْ دَخَلَ فِي حَلْقِهِ الذُّبَابُ وَهُوَ صَائِمٌ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، لَكِنْ نَقَلَ غَيْرُهُ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ قَالَ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَقْضِيَ. حَكَاهُ ابْنُ التِّينِ.

وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: دُخُولُ الذُّبَابِ أَقْعَدُ بِالْغَلَبَةِ وَعَدَمِ الِاخْتِيَارِ مِنْ دُخُولِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّ الذُّبَابَ يَدْخُلُ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الِاسْتِنْشَاقِ وَالْمَضْمَضَةِ فَإِنَّمَا تَنْشَأُ عَنْ تَسَبُّبِهِ، وَفَرَّقَ إِبْرَاهِيمُ بَيْنَ مَنْ كَانَ ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ حَالَ الْمَضْمَضَةِ فَأَوْجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ دُونَ النَّاسِي، وَعَنِ الشَّعْبِيِّ إِنْ كَانَ لِصَلَاةٍ فَلَا قَضَاءَ وَإِلَّا قَضَى.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ