للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صِيَامُ دَاوُدَ يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْأَفْضَلِيَّةِ مُطْلَقًا، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بِلَفْظِ: أَفْضَلُ الصِّيَامِ صِيَامُ دَاوُدَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الصَّوْمِ مُفَضولَةً، وَسَأَذْكُرُ بَسْطَ ذَلِكَ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

٥٧ - بَاب حَقِّ الْأَهْلِ فِي الصَّوْمِ

رَوَاهُ أَبُو جُحَيْفَةَ عَنْ النَّبِيِّ

١٩٧٧ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، سَمِعْتُ عَطَاءً أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ الشَّاعِرَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو ، يقول: بَلَغَ النَّبِيَّ أَنِّي أَسْرُدُ الصَّوْمَ، وَأُصَلِّي اللَّيْلَ فَإِمَّا أَرْسَلَ إِلَيَّ وَإِمَّا لَقِيتُهُ فَقَالَ: أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ وَلَا تُفْطِرُ، وَتُصَلِّي؟ فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِعَيْنيكَ عَلَيْكَ حَظًّا، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ وَأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَظًّا. قَالَ: إِنِّي لَأَقْوَى لِذَلِكَ. قَالَ: فَصُمْ صِيَامَ دَاوُدَ . قَالَ: وَكَيْفَ؟ قَالَ: كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى. قَالَ: مَنْ لِي بِهَذِهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ. قَالَ عَطَاءٌ: لَا أَدْرِي كَيْفَ ذَكَرَ صِيَامَ الْأَبَدِ. قَالَ النَّبِيُّ : لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ. مَرَّتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ حَقِّ الْأَهْلِ فِي الصَّوْمِ رَوَاهُ أَبُو جُحَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ يَعْنِي: حَدِيثَ أَبِي جُحَيْفَةَ فِي قِصَّةِ سَلْمَانَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ قَبْلَ خَمْسَةِ أَبْوَابٍ، وَفِيهَا قَوْلُ سَلْمَانَ، لِأَبِي الدَّرْدَاءِ وَإِنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَأَقَرَّهُ النَّبِيُّ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ قَبْلُ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ) الْفَلَّاسُ، وَأَبُو عَاصِمٍ هُوَ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ النَّبِيلُ وَهُوَ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ الَّذِينَ أَكْثَرَ عَنْهُمْ، وَرُبَّمَا رَوَى عَنْهُ بِوَاسِطَةٍ مَا فَاتَهُ مِنْهُ كَمَا فِي هَذَا الْمَوْضِع، وَكَأَنَّهُ اخْتَارَ النُّزُولَ مِنْ طَرِيقِهِ هَذِهِ لِوُقُوعِ التَّصْرِيحِ فِيهَا بِسَمَاعِ ابْنِ جُرَيْجٍ لَهُ مِنْ عَطَاءٍ وَهُوَ ابْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَأَبُو الْعَبَّاسِ يَأْتِي الْقَوْلُ فِيهِ بَعْدَ بَابٍ.

قَوْلُهُ: (بَلَغَ النَّبِيَّ أَنِّي أَسْرُدُ الصَّوْمَ) سَبَقَتْ تَسْمِيَةُ الَّذِي بَلَّغَ النَّبِيَّ ذَلِكَ وَأَنَّهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَالِدُ عَبْدِ اللَّهِ.

قَوْلُهُ: (وَتُصَلِّي) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَتُصَلِّي اللَّيْلَ، فَلَا تَفْعَلْ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّ لِعَيْنَيْكَ) فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ، والْكُشْمِيهَنِيِّ: لِعَيْنِكَ بِالْإِفْرَادِ.

قَوْلُهُ: (عَلَيْكَ حَظًّا) كَذَا فِيهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةَ، وَكَذَا لِمُسْلِمٍ، وَعِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ حَقًّا بِالْقَافِ، وَعِنْدَهُ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنَ الزِّيَادَةِ وَصُمْ مِنْ كُلِّ عَشْرَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا، وَلَكَ أَجْرُ التِّسْعَةِ.

قَوْلُهُ: (إِنِّي لَأَقْوَى لِذَلِكَ) أَيْ: لِسَرْدِ الصِّيَامِ دَائِمًا، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: إِنِّي أَجِدُنِي أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ.

قَوْلُهُ: (قَالَ: وَكَيْفَ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: وَكَيْفَ كَانَ دَاوُدُ يَصُومُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى) زَادَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ: وَإِذَا وَعَدَ لَمْ يُخْلِفْ وَلَمْ أَرَهَا مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَهَا مُنَاسَبَةٌ بِالْمَقَامِ، وَإِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ سَبَبَ النَّهْيِ خَشْيَةُ أَنْ يَعْجِزَ عَنِ الَّذِي يَلْزَمُهُ فَيَكُونَ كَمَنْ وَعَدَ فَأَخْلَفَ، كَمَا أَنَّ فِي قَوْلِهِ: وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى إِشَارَةٌ إِلَى حِكْمَةِ صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: مُحَصَّلُ قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَتَعَبَّدْ عَبْدَهُ بِالصَّوْمِ خَاصَّةً، بَلْ تَعَبَّدَهُ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الْعِبَادَاتِ، فَلَوِ اسْتَفْرَغَ جُهْدَهُ لَقَصَّرَ فِي غَيْرِهِ، فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَادُ فِيهِ لِيَسْتَبْقِيَ بَعْضَ الْقُوَّةِ لِغَيْرِهِ، وَقَدْ أُشِيرَ إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي دَاوُدَ : وَكَانَ لَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَتَقَوَّى بِالْفِطْرِ لِأَجْلِ الْجِهَادِ.

قَوْلُهُ: (قَالَ عَطَاءٌ) أَيْ: بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ.

قَوْلُهُ: (لَا أَدْرِي كَيْفَ ذَكَرَ صِيَامَ الْأَبَدِ. . . إِلَخْ) أَيْ أنَّ عَطَاءً لَمْ يَحْفَظْ كَيْفَ جَاءَ ذِكْرُ صِيَامِ الْأَبَدِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، إِلَّا أَنَّهُ حَفِظَ أَنَّ فِيهَا أَنَّهُ