ظَاهِرُ الْحَدِيثِ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا فُرِضَتْ فِي الْأَصْلِ رَكْعَتَيْنِ وَاسْتَمَرَّتْ فِي السَّفَرِ، وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ أَنَّهَا كَانَتْ أَرْبَعًا فَنَقَصَتْ. ثُمَّ إِنَّ قَوْلَهَا: الصَّلَاةُ تَعُمُّ الْخَمْسَ، وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِخُرُوجِ الْمَغْرِبِ مُطْلَقًا وَالصُّبْحِ بِعَدَمِ الزِّيَادَةِ فِيهَا فِي الْحَضَرِ قَالَ: وَالْعَامُّ إِذَا خُصَّ ضَعُفَتْ دَلَالَتُهُ حَتَّى اخْتُلِفَ فِي بَقَاءِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ.
٦ - بَاب يُصَلِّي الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا فِي السَّفَرِ
١٠٩١ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ﵄ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ فِي السَّفَرِ يُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ. قَالَ سَالِمٌ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَفْعَلُهُ إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ.
[الحديث ١٠٩١ - أطرافه في: ٣٠٠٠. ١٨٠٥. ١٦٧٣. ١٦٦٨. ١١٠٩. ١١٠٦. ١٠٩٢]
١٠٩٢ - وَزَادَ اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ سَالِمٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ ﵄ يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ. قَالَ سَالِمٌ: وَأَخَّرَ ابْنُ عُمَرَ الْمَغْرِبَ، وَكَانَ اسْتُصْرِخَ عَلَى امْرَأَتِهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ، فَقُلْتُ لَهُ: الصَّلَاةَ. فَقَالَ: سِرْ. فَقُلْتُ: الصَّلَاةَ، فَقَالَ: سِرْ حَتَّى سَارَ مِيلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يُصَلِّي إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ يُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ فَيُصَلِّيهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ يُسَلِّمُ، ثُمَّ قَلَّمَا يَلْبَثُ حَتَّى يُقِيمَ الْعِشَاءَ فَيُصَلِّيهَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ، وَلَا يُسَبِّحُ بَعْدَ الْعِشَاءِ حَتَّى يَقُومَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا فِي السَّفَرِ) أَيْ وَلَا يَدْخُلُ الْقَصْرُ فِيهَا، وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْمُطْلَقَةَ فِي قَوْلِ الرَّاوِي: كَانَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمُقَيَّدَةِ بِأَنَّ الْمَغْرِبَ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ ثُمَامَةَ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ: خَرَجْتُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَقُلْتُ: مَا صَلَاةُ الْمُسَافِرِ؟ قَالَ: رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، إِلَّا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ ثَلَاثًا.
قَوْلُهُ: (إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ فِي السَّفَرِ) يَخْرُجُ مَا إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ فِي الْحَضَرِ، كَأَنْ يَكُونَ خَارِجَ الْبَلَدِ فِي بُسْتَانٍ مَثَلًا.
قَوْلُهُ: (وَزَادَ اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ) وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِطُولِهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ زَكَرِيَّا، عَنِ ابْنِ زَنْجَوَيْهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَانِئٍ، عَنِ الرَّمَادِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بِهِ.
قَوْلُهُ: (وَأَخَّرَ ابْنُ عُمَرَ الْمَغْرِبَ، وَكَانَ اسْتَصْرَخَ عَلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ) هِيَ أُخْتُ الْمُخْتَارِ الثَّقَفِيِّ، وَقَوْلُهُ اسْتُصْرِخَ بِالضَّمِّ أَيِ اسْتُغِيثَ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ، وَهُوَ مِنَ الصُّرَاخِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْمُصْرَخُ الْمُغِيثُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ﴾ قَوْلُهُ: (فَقُلْتُ لَهُ الصَّلَاةَ) بِالنَّصْبِ عَلَى الْإِغْرَاءِ.
قَوْلُهُ: (قُلْتُ لَهُ الصَّلَاةَ) فِيهِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ مُرَاعَاةِ أَوْقَاتِ الْعِبَادَةِ، وَفِي قَوْلِهِ: سِرُّ جَوَازِ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ.
(تَنْبِيهٌ): ظَاهِرُ سِيَاقِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ جَمِيعَ مَا بَعْدَ قَوْلِهِ زَادَ اللَّيْثُ لَيْسَ دَاخِلًا فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ رِوَايَةَ شُعَيْبٍ بَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَبْوَابٍ وَفِيهَا أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا الزِّيَادَةُ فِي قِصَّةِ صَفِيَّةَ وَصَنِيعِ ابْنِ عُمَرَ خَاصَّةً، وَفِي التَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ: (قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: (حَتَّى سَارَ مِيلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً) أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ السُّرْعَةِ فِي السَّيْرِ مِنْ كِتَابِ الْجِهَادِ مِنْ