للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَالْفَاكِهِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ السَّعْيِ فَقَالَ: لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ جِبْرِيلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ لِيُرِيَهُ الْمَنَاسِكَ عَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُجِيزَ الْوَادِيَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَكَانَتْ سُنَّةً. وَسَيَأْتِي فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ أَنَّ ابْتِدَاءَ ذَلِكَ كَانَ مِنْ هَاجَرَ. وَرَوَى الْفَاكِهِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ هَذَا مَا أَوْرَثَتْكُمُوهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ وَسَيَأْتِي حَدِيثُهُ فِي آخِرِ الْبَابِ فِي سَبَبِ فِعْلِ النَّبِيِّ ذَلِكَ.

ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ:

أَوَّلُهَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ:

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ) زَادَ أَبُو ذَرٍّ فِي رِوَايَتِهِ هُوَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَلِغَيْرِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ وَهُوَ الصَّوَابُ وَبِهِ جَزَمَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَلَعَلَّ حَاتِمًا اسْمُ جَدٍّ لَهُ إِنْ كَانَتْ رِوَايَةُ أَبِي ذَرٍّ فِيهِ مَضْبُوطَةً. وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ أَنَّهُ رَآهُ بِخَطِّ أَبِي مُحَمَّدٍ الْأَصِيلِيِّ فِي نُسْخَتِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَاتِمٍ.

قَوْلُهُ: (كَانَ إِذَا طَافَ الطَّوَافَ الْأَوَّلَ) أَيْ طَوَافَ الْقُدُومِ.

قَوْلُهُ: (خَبَّ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي: بَابِ مَنْ طَافَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ.

قَوْلُهُ: (وَكَانَ يَسْعَى بَطْنَ الْمَسِيلِ) أَيِ الْمَكَانَ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ السَّيْلُ، وَقَوْلُهُ بَطْنُ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفٍ، وَهَذَا مَرْفُوعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ بَدَأَ بِالْمَوْقُوفِ عَنْهُ فِي التَّرْجَمَةِ لِكَوْنِهِ مُفَسِّرًا لِحَدِّ السَّعْيِ، وَالْمُرَادُ بِهِ شِدَّةُ الْمَشْيِ وَإِنْ كَانَ جَمِيعُ ذَلِكَ يُسَمَّى سَعْيًا.

قَوْلُهُ: (فَقُلْتُ لِنَافِعٍ) الْقَائِلُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْمَذْكُورُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِلَامِ قَبْلُ بِأَبْوَابٍ.

الثَّانِي: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا فِي طَوَافِ النَّبِيِّ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، أَوْرَدَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي: بَابِ صَلَّى النَّبِيُّ لِسُبُوعِهِ رَكْعَتَيْنِ قَالَ شَيْخُنَا ابْنُ الْمُلَقِّنِ هُنَا قَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: لَوْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ وَخَتَمَ بِالصَّفَا أَعَادَ شَوْطًا فَإِنَّ الْبُدَاءَةَ وَاجِبَةٌ، وَلَا أَصْلَ لِمَا قَالَ الْكِرْمَانِيُّ أَنَّ التَّرْتِيبَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَلَكِنَّ تَرْكَهُ مَكْرُوهٌ لِتَرْكِ السُّنَّةِ، فَيُسْتَحَبُّ إِعَادَةُ الشَّوْطِ. قُلْتُ: الْكِرْمَانِيُّ الْمَذْكُورُ عَالِمٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَلَيْسَ هُوَ شَمْسَ الدِّينِ شَارِحَ الْبُخَارِيِّ، وَإِنَّمَا نَبَّهْتُ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ شَيْخَنَا وَقَفَ عَلَى شَرْحِهِ وَنَقَلَ مِنْهُ، فَإِنَّ هَذَا الْكَلَامَ مَا هُوَ فِي شَرْحِ شَمْسِ الدِّينِ، وَشَمْسُ الدِّينِ شَافِعِيُّ الْمَذْهَبِ، يَرَى التَّرْتِيبَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ السَّعْيِ.

الثَّالِثُ: حَدِيثُ أَنَسٍ فِي نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ.

زَادَ الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو سَمِعْتُ عَطَاءً عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ.

الرَّابِعُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّمَا سَعَى رَسُولُ اللَّهِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِيُرِيَ الْمُشْرِكِينَ قُوَّتَهُ. وَالْمُرَادُ بِالسَّعْيِ هُنَا شِدَّةُ الْمَشْيِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ فِي: بَابِ بَدْءِ الرَّمَلِ.

قَوْلُهُ: (زَادَ الْحُمَيْدِيُّ إِلَخْ) أَيْ زَادَ التَّصْرِيحَ بِالتَّحْدِيثِ مِنْ عَمْرٍو، لِسُفْيَانَ وَمِنْ عَطَاءٍ، لِعَمْرٍو، وَهَكَذَا رُوِّينَاهُ فِي: مُسْنَدِ الْحُمَيْدِيِّ رِوَايَةُ بِشْرِ بْنِ مُوسَى عَنْهُ وَمِنْ طَرِيقِهِ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ، وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثَ جَابِرٍ: أَنَّهُ لَمَّا فَرَغَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ طَوَافِهِ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا فَقَالَ: أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ. وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْبُدَاءَةِ بِالصَّفَا، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِلَفْظِ الْأَمْرِ فَقَالَ: ابْدَؤوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ.

(تَكْمِيلٌ): قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمَرْوَةُ أَفْضَلُ مِنَ الصَّفَا لِأَنَّهَا تُقْصَدُ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ بِخِلَافِ الصَّفَا فَإِنَّمَا يُقْصَدُ ثَلَاثًا، قَالَ: وَأَمَّا الْبُدَاءَةُ بِالصَّفَا فَلَيْسَ بِوَارِدٍ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ. قُلْتُ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الصَّفَا تُقْصَدُ أَرْبَعًا أَيْضًا أَوَّلُهَا عِنْدَ الْبُدَاءَةِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مَقْصُودٌ بِذَلِكَ وَيَمْتَازُ بِالِابْتِدَاءِ، وَعِنْدَ التَّنَزُّلِ يَتَعَادَلَانِ، ثُمَّ مَا ثَمَرَةُ هَذَا التَّفْضِيلِ مَعَ أَنَّ الْعِبَادَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِهِمَا لَا تَتِمُّ إِلَّا بِهِمَا مَعًا؟

٨١ - بَاب تَقْضِي الْحَائِضُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلَّا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَإِذَا سَعَى عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ