نَفْسًا لَمْ تَكُنْ مُؤْمِنَةً مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ إِيمَانُهَا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ، وَلَا يَنْفَعُ نَفْسًا كَانَتْ مُؤْمِنَةً لَكِنْ لَمْ تَعْمَلْ فِي إِيمَانِهَا عَمَلًا صَالِحًا قَبْلَ ذَلِكَ مَا تَعْمَلُهُ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ: وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَظْهَرُ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ فَلَا يَنْفَعُ بَعْدَ ظُهُورِ الْآيَةِ اكْتِسَابُ الْخَيْرِ أَيْ لِإِغْلَاقِ بَابِ التَّوْبَةِ وَرَفْعِ الصُّحُفِ وَالْحَفَظَةِ، وَإِنْ كَانَ مَا سَبَقَ قَبْلَ ظُهُورِ الْآيَةِ مِنَ الْإِيمَانِ يَنْفَعُ صَاحِبَهُ فِي الْجُمْلَةِ.
ثُمَّ قَالَ الطِّيبِيُّ: وَقَدْ ظَفِرْتُ بِفَضْلِ اللَّهِ بَعْدَ هَذَا التَّقْرِيرِ عَلَى آيَةٍ أُخْرَى تُشْبِهُ هَذِهِ الْآيَةَ وَتُنَاسِبُ هَذَا التَّقْرِيرَ مَعْنًى وَلَفْظًا مِنْ غَيْرِ إِفْرَاطٍ وَلَا تَفْرِيطٍ، وَهِيَ قَوْلُهُ - تَعَالَى - ﴿وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ الْآيَةَ. فَإِنَّهُ يَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّ الْإِيمَانَ الْمُجَرَّدَ قَبْلَ كَشْفِ قَوَارِعِ السَّاعَةِ نَافِعٌ، وَأَنَّ الْإِيمَانَ الْمُقَارَنَ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ أَنْفَعُ، وَأَمَّا بَعْدَ حُصُولِهَا فَلَا يَنْفَعُ شَيْءٌ أَصْلًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
قَوْلُهُ: وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْقَافِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ هِيَ ذَاتُ الدَّرِّ مِنَ النُّوقِ.
قَوْلُهُ: يُلِيطُ حَوْضَهُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَيُقَالُ أَلَاطَ حَوْضَهُ إِذَا مَدَرَهُ أَيْ جَمَعَ حِجَارَةً فَصَيَّرَهَا كَالْحَوْضِ ثُمَّ سَدَّ مَا بَيْنَهَا مِنَ الْفُرَجِ بِالْمَدَرِ وَنَحْوِهِ لِيَنْحَبِسَ الْمَاءُ ; هَذَا أَصْلُهُ وَقَدْ يَكُونُ لِلْحَوْضِ خُرُوقٌ فَيَسُدُّهَا بِالْمَدَرِ قَبْلَ أَنْ يَمْلَأَهُ، وَفِي كُلِّ ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْقِيَامَةَ تَقُومُ بَغْتَةً، كَمَا قَالَ - تَعَالَى - ﴿لا تَأْتِيكُمْ إِلا بَغْتَةً﴾
٤١ - بَاب مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ
٦٥٠٧ - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ. قَالَتْ عَائِشَةُ - أَوْ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ - إِنَّا لَنَكْرَهُ الْمَوْتَ، قَالَ: لَيْسَ ذَلكِ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا حُضِرَ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، فكَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ.
اخْتَصَرَهُ أَبُو دَاوُدَ وَعَمْرٌو عَنْ شُعْبَةَ. وَقَالَ سَعِيدٌ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ.
٦٥٠٨ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ "عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ"
٦٥٠٩ - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ "أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ وَهُوَ صَحِيحٌ إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ ثُمَّ يُخَيَّرُ فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِي غُشِيَ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute