النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ، وَلَا أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْخَصَائِصِ، وَقَدْ تَرْجَمَ فِي النِّكَاحِ بَابَ نِكَاحِ الْمُحْرِمِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى إِيرَادِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَمُرَادُهُ بِالنِّكَاحِ التَّزْوِيجُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى إِفْسَادِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِالْجِمَاعِ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَزْوِيجِ مَيْمُونَةَ، فَالْمَشْهُورُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَصَحَّ نَحْوُهُ عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَاءَ عَنْ مَيْمُونَةَ نَفْسِهَا أَنَّهُ كَانَ حَلَالًا، وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ مِثْلُهُ وَأَنَّهُ كَانَ الرَّسُولَ إِلَيْهَا، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ عُمْرَةِ الْقَضَاءِ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى الْمَنْعِ لِحَدِيثِ عُثْمَانَ: لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحُ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ بِأَنَّهُ اخْتُلِفَ فِي الْوَاقِعَةِ كَيْفَ كَانَتْ، وَلَا تَقُومُ بِهَا الْحُجَّةُ، وَلِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ الْخُصُوصِيَّةَ، فَكَانَ الْحَدِيثُ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ أَوْلَى بِأَنْ يُؤْخَذَ بِهِ. وَقَالَ عَطَاءٌ، وَعِكْرِمَةُ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ: يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَتَزَوَّجَ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْجَارِيَةَ لِلْوَطْءِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ قِيَاسٌ فِي مُعَارَضَةِ السُّنَّةِ فَلَا يُعْتَبَرُ بِهِ. وَأَمَّا تَأْوِيلُهُمْ حَدِيثَ عُثْمَانَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْوَطْءُ فَمُتَعَقَّبٌ بِالتَّصْرِيحِ فِيهِ بِقَوْلِهِ: وَلَا يُنْكِحُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ، وَبِقَوْلِهِ فِيهِ: وَلَا يَخْطُبُ.
١٣ - بَاب مَا يُنْهَى مِنْ الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ وَالْمُحْرِمَةِ
وَقَالَتْ عَائِشَةُ ﵂: لَا تَلْبَسْ الْمُحْرِمَةُ ثَوْبًا بِوَرْسٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ
١٨٣٨ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ﵄، قَالَ: قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَاذَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ مِنْ الثِّيَابِ فِي الْإِحْرَامِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: لَا تَلْبَسُوا الْقَمِيصَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا الْبَرَانِسَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ لَيْسَتْ لَهُ نَعْلَانِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبَسُوا شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلَا الْوَرْسُ، وَلَا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ، وَلَا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ. تَابَعَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، وَجُوَيْرِيَةُ، وَابْنُ إِسْحَاقَ فِي النِّقَابِ وَالْقُفَّازَيْنِ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: وَلَا وَرْسٌ. وَكَانَ يَقُولُ: لَا تَنْتَقِبْ الْمُحْرِمَةُ وَلَا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ. وَقَالَ مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ: لَا تَتَنَقَّبْ الْمُحْرِمَةُ. وَتَابَعَهُ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ.
١٨٣٩ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: وَقَصَتْ بِرَجُلٍ مُحْرِمٍ نَاقَتُهُ فَقَتَلَتْهُ، فَأُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: اغْسِلُوهُ وَكَفِّنُوهُ وَلَا تُغَطُّوا رَأْسَهُ وَلَا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يُهِلُّ.
قَوْلُهُ: (بَابُ مَا يُنْهَى) أَيْ: عَنْهُ (مِنَ الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ وَالْمُحْرِمَةِ) أَيْ: أَنَّهُمَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي أَشْيَاءَ هَلْ تُعَدُّ طِيبًا أَوْ لَا؟ وَالْحِكْمَةُ فِي مَنْعِ الْمُحْرِمِ مِنَ الطِّيبِ أَنَّهُ مِنْ دَوَاعِي الْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ الَّتِي تُفْسِدُ الْإِحْرَامَ، وَبِأَنَّهُ يُنَافِي حَالَ الْمُحْرِمِ، فَإِنَّ الْمُحْرِمَ أَشْعَثُ أَغْبَرُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَا تَلْبَسُ الْمُحْرِمَةُ ثَوْبًا بِوَرْسٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ) وَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: الْمُحْرِمَةُ تَلْبَسُ مِنَ الثِّيَابِ مَا شَاءَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute