للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِلَّا ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ أَوْ زَعْفَرَانٌ، وَلَا تَبَرْقَعُ وَلَا تَلَثَّمُ، وَتُسْدِلُ الثَّوْبَ عَلَى وَجْهِهَا إِنْ شَاءَتْ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ أَنَّ الْمَرْأَةَ كَالرَّجُلِ فِي مَنْعِ الطِّيبِ إِجْمَاعًا. وَرَوَى أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالْحَاكِمُ أَصْلَ حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَنْهَى النِّسَاءَ فِي إِحْرَامِهِنَّ عَنِ الْقُفَّازَيْنِ وَالنِّقَابِ وَمَا مَسَّ الْوَرْسَ وَالزَّعْفَرَانَ مِنَ الثِّيَابِ، وَلْتَلْبَسْ بَعْدَ ذَلِكَ مَا أَحَبَّتْ مِنْ أَلْوَانِ الثِّيَابِ ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ: قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَاذَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ؟ الْحَدِيثَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْحَجِّ مَعَ سَائِرِ مَبَاحِثِهِ فِي بَابِ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ وَزَادَ فِيهِ هُنَا: وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ، وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ وَذَكَرَ الِاخْتِلَافَ فِي رَفْعِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَوَقْفِهَا، وَسَأُبَيِّنُ مَا فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ) وَصَلَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْهُ عَنْ نَافِعٍ فِي آخِرِ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلُ.

قَوْلُهُ: (وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) أَيِ: ابْنُ عُقْبَةَ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي مُوسَى الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ، وَقَدْ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِهِ مَوْصُولًا فِي فَوَائِدِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيِّ مِنْ رِوَايَةِ السَّلَفِيِّ، عَنِ الثَّقَفِيِّ، عَنِ ابْنِ بَشْرَانَ عَنْهُ عَنْ يُوسُفَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ أَبِي عَبَّادٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ نَافِعٍ بِهِ.

قَوْلُهُ: (وَجُوَيْرِيَةُ) أَيِ: ابْنُ أَسْمَاءَ، وَصَلَهُ أَبُو يَعْلَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ عَنْهُ عَنْ نَافِعٍ وَفِيهِ الزِّيَادَةُ.

قَوْلُهُ: (وَابْنُ إِسْحَاقَ) وَصَلَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ.

قَوْلُهُ: (فِي النِّقَابِ وَالْقُفَّازَيْنِ) أَيْ: فِي ذِكْرِهِمَا فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ. وَالْقُفَّازُ - بِضَمِّ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ وَبَعْدَ الْأَلْفِ زَايٌ -: مَا تَلْبَسُهُ الْمَرْأَةُ فِي يَدِهَا فَيُغَطِّي أَصَابِعَهَا وَكَفَّيْهَا عِنْدَ مُعَانَاةِ الشَّيْءِ كَغَزْلٍ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ لِلْيَدِ كَالْخُفِّ لِلرِّجْلِ. وَالنِّقَابُ الْخِمَارُ الَّذِي يُشَدُّ عَلَى الْأَنْفِ أَوْ تَحْتَ الْمَحَاجِرِ، وَظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالْمَرْأَةِ، وَلَكِنَّ الرِّجْلَ فِي الْقُفَّازِ مِثْلُهَا لِكَوْنِهِ فِي مَعْنَى الْخُفِّ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُحِيطٌ بِجُزْءٍ مِنَ الْبَدَنِ، وَأَمَّا النِّقَابُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ مِنْ جِهَةِ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَغْطِيَةُ وَجْهِهِ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْبَابِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ) يَعْنِي: ابْنَ عُمَرَ الْعُمَرِيَّ (وَلَا وَرْسَ) وَكَانَ يَقُولُ: لَا تَتَنَقَّبُ الْمُحْرِمَةُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ يَعْنِي: أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ الْمَذْكُورَ خَالَفَ الْمَذْكُورِينَ قَبْلُ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ نَافِعٍ فَوَافَقَهُمْ عَلَى رَفْعِهِ إِلَى قَوْلِهِ: زَعْفَرَانٌ وَلَا وَرْسٌ وَفَصَلَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ فَجَعَلَهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ. وَهَذَا التَّعْلِيقُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَصَلَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ، وَحَمَّادِ بْنِ مَسْعَدَةَ، وَابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ، ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، فَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهِ: وَلَا وَرْسٌ قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ - يَعْنِي: ابْنَ عُمَرَ - يَقُولُ: وَلَا تَنْتَقِبُ الْمُحْرِمَةُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ وَرَوَاهُ يَحْيَى القَطَّانُ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ، كِلَاهُمَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ فَاقْتَصَرَ عَلَى الْمُتَّفَقِ عَلَى رَفْعِهِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ مَالِكٌ إِلَخْ) هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ كَمَا قَالَ، وَالْغَرَضُ أَنَّ مَالِكًا اقْتَصَرَ عَلَى الْمَوْقُوفِ فَقَطْ، وَفِي ذَلِكَ تَقْوِيَةٌ لِرِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَظَهَرَ الْإِدْرَاجِ فِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ. وَقَدِ اسْتَشْكَلَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ الْحُكْمَ بِالْإِدْرَاجِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ؛ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنِ النِّقَابِ وَالْقُفَّازِ مُفْرَدًا مَرْفُوعًا وَلِلِابْتِدَاءِ بِالنَّهْيِ عَنْهُمَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ الْمَرْفُوعَةِ الْمُقَدَّمِ ذِكْرُهَا، وَقَالَ فِي الِاقْتِرَاحِ: دَعْوَى الْإِدْرَاجِ فِي أَوَّلِ الْمَتْنِ ضَعِيفَةٌ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الثِّقَاتِ إِذَا اخْتَلَفُوا وَكَانَ مَعَ أَحَدِهِمْ زِيَادَةٌ قُدِّمَتْ، وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ حَافِظًا، وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ أَحْفَظَ، وَالْأَمْرُ هُنَا كَذَلِكَ، فَإِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فِي نَافِعٍ أَحْفَظُ مِنْ جَمِيعِ مَنْ خَالَفَهُ، وَقَدْ فَصَلَ الْمَرْفُوعَ مِنَ الْمَوْقُوفِ، وَأَمَّا الَّذِي اقتصر عَلَى الْمَوْقُوفِ، فَرَفَعَهُ فَقَدْ شَذَّ بِذَلِكَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَأَمَّا الَّذِي ابْتَدَأَ فِي الْمَرْفُوعِ بِالْمَوْقُوفِ فَإِنَّهُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى، وَكَأَنَّهُ رَأَى أَشْيَاءَ مُتَعَاطِفَةً فَقَدَّمَ وَأَخَّرَ لِجَوَازِ ذَلِكَ عِنْدَهُ، وَمَعَ الَّذِي فَصَلَ زِيَادَةُ عِلْمٍ فَهُوَ أَوْلَى، أَشَارَ إِلَى