مُسْلِمٍ، وَقَدْ عَيَّنَ أَبُو سَعِيدٍ مَنْ حَدَّثَهُ بِذَلِكَ، فَفِي مُسْلِمٍ، وَالنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي أَبُو قَتَادَةَ، فَذَكَرَهُ فَاقْتَصَرَ الْبُخَارِيُّ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي سَمِعَهُ أَبُو سَعِيدٍ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ دُونَ غَيْرِهِ، وَهَذَا دَالٌّ عَلَى دِقَّةِ فَهْمِهِ وَتَبَحُّرِهِ فِي الِاطِّلَاعِ عَلَى عِلَلِ الْأَحَادِيثِ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ أَيْضًا لَمْ تَقَعْ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ، وَهِيَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، وَأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ خَالِدٍ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ وَهِيَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَا عَمَّارُ أَلَا تَحْمِلُ كَمَا يَحْمِلُ أَصْحَابُكَ؟ قَالَ: إِنِّي أُرِيدُ مِنَ اللَّهِ الْأَجْرَ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ زِيَادَةُ مَعْمَرٍ فِيهِ أَيْضًا.
(فَائِدَةٌ): رَوَى حَدِيثَ تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةٍ مِنْهُمْ: قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأُمُّ سَلَمَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَحُذَيْفَةُ، وَأَبُو أَيُّوبَ، وَأَبُو رَافِعٍ، وَخُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ، وَمُعَاوِيَةُ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَأَبُو الْيُسْرِ، وَعَمَّارٌ نَفْسُهُ، وَكُلُّهَا عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَغَيْرِهِ، وَغَالِبُ طُرُقِهَا صَحِيحَةٌ أَوْ حَسَنَةٌ، وَفِيهِ عَنْ جَمَاعَةٍ آخَرِينَ يَطُولُ عَدُّهُمْ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ وَفَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِعَلِيٍّ، وَلِعَمَّارٍ وَرَدٌّ عَلَى النَّوَاصِبِ الزَّاعِمِينَ أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَكُنْ مُصِيبًا فِي حُرُوبِهِ. قَوْلُهُ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: (يَقُولُ عَمَّارٌ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الِاسْتِعَاذَةِ مِنَ الْفِتَنِ، وَلَوْ عَلِمَ الْمَرْءُ أَنَّهُ مُتَمَسِّكٌ فِيهَا بِالْحَقِّ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُفْضِي إِلَى وُقُوعِ مَا لَا يَرَى وُقُوعَهُ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ وَفِيهِ رَدٌّ لِلْحَدِيثِ الشَّائِعِ: لَا تَسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ فَإِنَّ فِيهَا حَصَادُ الْمُنَافِقِينَ. قُلْتُ: وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ وَهْبٍ قَدِيمًا عَنْهُ فَقَالَ: إِنَّهُ بَاطِلٌ، وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْفِتَنِ ذِكْرُ كَثِيرٍ مِنْ أَحْكَامِهَا وَمَا يَنْبَغِي مِنَ الْعَمَلِ عِنْدَ وُقُوعِهَا. أَعَاذَنَا اللَّهُ تَعَالَى مِمَّا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ
٦٤ - بَاب الِاسْتِعَانَةِ بِالنَّجَّارِ وَالصُّنَّاعِ فِي أَعْوَادِ الْمِنْبَرِ وَالْمَسْجِدِ
٤٤٨ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عن أَبُي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى امْرَأَةٍ أن مُرِي غُلَامَكِ النَّجَّارَ يَعْمَلْ لِي أَعْوَادًا أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ
قَوْلُهُ: (بَابُ الِاسْتِعَانَةِ بِالنَّجَّارِ وَالصُّنَّاعِ فِي أَعْوَادِ الْمِنْبَرِ وَالْمَسْجِدِ) الصُّنَّاعُ بِضَمِّ الْمُهْمِلَةِ جَمْعُ صَانِعٍ، وَذِكْرُهُ بَعْدَ النَّجَّارِ مِنَ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ أَوْ فِي التَّرْجَمَةِ لَفٌّ وَنَشْرٌ، فَقَوْلُهُ: فِي أَعْوَادِ الْمِنْبَرِ لِيَتَعَلَّقَ بِالنَّجَّارِ، وَقَوْلُهُ: وَالْمَسْجِدِ يَتَعَلَّقُ بِالصُّنَّاعِ، أَيْ: وَالِاسْتِعَانَةُ بِالصُّنَّاعِ فِي الْمَسْجِدِ، أَيْ فِي بِنَاءِ الْمَسْجِدِ. وَحَدِيثُ الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ سَهْلٍ، وَجَابِرٍ جَمِيعًا يَتَعَلَّقُ بِالنَّجَّارِ فَقَطْ، وَمِنْهُ تُؤْخَذُ مَشْرُوعِيَّةُ الِاسْتِعَانَةِ بِغَيْرِهِ مِنَ الصُّنَّاعِ لِعَدَمِ الْفَرْقِ، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى حَدِيثِ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: بَنَيْتُ الْمَسْجِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَكَانَ يَقُولُ: قَرِّبُوا الْيَمَامِيَّ مِنَ الطِّينِ، فَإِنَّهُ أَحْسَنُكُمْ لَهُ مَسًّا وَأَشَدُّكُمْ لَهُ سَبْكًا رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِي لَفْظٍ لَهُ: فَأَخَذْتُ الْمِسْحَاةَ فَخَلَطْتُ الطِّينَ فَكَأَنَّهُ أَعْجَبَهُ، فَقَالَ: دَعُوا الْحَنَفِيِّ وَالطِّينَ، فَإِنَّهُ أَضْبَطُكُمْ لِلطِّينِ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَلَفْظُهُ: فَقَلَتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَأَنْقُلُ كَمَا يَنْقُلُونَ؟ فَقَالَ: لَا، وَلَكِنِ اخْلِطْ لَهُمُ الطِّينَ فَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ) هُوَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ.
قَوْلُهُ: (إِلَى امْرَأَةٍ) تَقَدُّمَ ذِكْرُهَا فِي بَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَالسُّطُوحِ، وَالتَّنْبِيهُ عَلَى غَلَطِ مَنْ سَمَّاهَا عُلَاثَةَ، وَكَذَا التَّنْبِيهُ عَلَى اسْمِ غُلَامِهَا، وَسَاقَ الْمَتْنَ هُنَا مُخْتَصَرًا، وَسَاقَهُ بِتَمَامِهِ فِي الْبُيُوعِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَسَنَذْكُرُ فَوَائِدَهُ فِي كِتَابِ الْجُمْعَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٤٤٩ - حَدَّثَنَا خَلَّادٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute