رَجُلًا لَا يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ قَالَ: مَا صَلَّيْتَ، وَلَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ. ١١٩ - قوله: بَابُ إِذَا لَمْ يُتِمَّ الرُّكُوعَ أَفْرَدَ الرُّكُوعَ بِالذِّكْرِ مَعَ أَنَّ السُّجُودَ مِثْلَهُ لِكَوْنِهِ أَفْرَدَهُ بِتَرْجَمَةٍ تَأْتِي، وَغَرَضُهُ سِيَاقُ صِفَةِ الصَّلَاةِ عَلَى تَرْتِيبِ أَرْكَانِهَا، وَاكْتَفَى عَنْ جَوَابِ إِذَا بِمَا تَرْجَمَ بِهِ بَعْدُ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ ﷺ الَّذِي لَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ بِالْإِعَادَةِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ سُلَيْمَانَ) هُوَ الْأَعْمَشُ.
قَوْلُهُ: (رَأَى حُذَيْفَةُ رَجُلًا) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ لَكِنْ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ، وَابْنِ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ أَبْوَابِ كِنْدَةَ، وَمِثْلُهُ لِعَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ.
قَوْلُهُ: (لَا يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ) فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فَجَعَلَ يَنْقُرُ وَلَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ. زَادَ أَحْمَدُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، فَقَالَ: مُنْذُ كَمْ صَلَّيْتَ؟ فَقَالَ: مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ، وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ مِثْلُهُ، وَفِي حَمْلِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ نَظَرٌ، وَأَظُنُّ ذَلِكَ هُوَ السَّبَبُ فِي كَوْنِ الْبُخَارِيِّ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ حُذَيْفَةَ مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ ابْتِدَاءُ صَلَاةِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِأَرْبَع سنين أَوْ أَكْثَرَ، وَلَعَلَّ الصَّلَاةَ لَمْ تَكُنْ فُرِضَتْ بَعْدُ، فَلَعَلَّهُ أَطْلَقَ وَأَرَادَ الْمُبَالَغَةَ، أَوْ لَعَلَّهُ مِمَّنْ كَادَ يُصَلِّي قَبْلَ إِسْلَامِهِ، ثُمَّ أَسْلَمَ فَحَصَلَتِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ مِنَ الْأَمْرَيْنِ.
قَوْلُهُ: (مَا صَلَّيْتَ) هُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ ﷺ لِلْمُسِيءِ صَلَاتَهُ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ وَسَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ.
قَوْلُهُ: (فَطَرَ اللَّهُ مُحَمَّدًا) زَادَ الْكُشْمِيهَنِيُّ عَلَيْهَا وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَعَلَى أَنَّ الْإِخْلَالَ بِهَا مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ، وَعَلَى تَكْفِيرِ تَارِكِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ حُذَيْفَةَ نَفَى الْإِسْلَامَ عَمَّنْ أَخَلَّ بِبَعْضِ أَرْكَانِهَا فَيَكُونُ نَفْيُهُ عَمَّنْ أَخَلَّ بِهَا كُلِّهَا أَوْلَى، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِطْرَةِ الدِّينُ، وَقَدْ أَطْلَقَ الْكُفْرَ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ (١)، وَهُوَ إِمَّا عَلَى حَقِيقَتِهِ عِنْدَ قَوْمٍ وَإِمَّا عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الزَّجْرِ عِنْدَ آخَرِينَ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْفِطْرَةُ الْمِلَّةُ أَوِ الدِّينُ، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا هُنَا السُّنَّةُ كَمَا جَاءَ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ الْحَدِيثَ، وَيَكُونُ حُذَيْفَةُ قَدْ أَرَادَ تَوْبِيخَ الرَّجُلِ لِيَرْتَدِعَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَيُرَجِّحُهُ وُرُودُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِلَفْظِ سُنَّةِ مُحَمَّدٍ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ عَشْرَةِ أَبْوَابٍ، وَهُوَ مُصَيَّرٌ مِنَ الْبُخَارِيِّ إِلَى أَنَّ الصَّحَابِيَّ إِذَا قَالَ سُنَّةَ مُحَمَّدٍ أَوْ فِطْرَتُهُ كَانَ حَدِيثًا مَرْفُوعًا، وَقَدْ خَالَفَ فِيهِ قَوْمٌ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ.
١٢٠ - بَاب اسْتِوَاءِ الظَّهْرِ فِي الرُّكُوعِ وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ فِي أَصْحَابِهِ: رَكَعَ النَّبِيُّ ﷺ ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ.
قَوْلُهُ: (بَابُ اسْتِوَاءِ الظَّهْرِ فِي الرُّكُوعِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ مَيْلٍ فِي الرَّأْسِ عَنِ الْبَدَنِ وَلَا عَكْسِهِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ) هُوَ السَّاعِدِيُّ.
قَوْلُهُ: (هَصَرَ ظَهْرَهُ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ أَمَالَهُ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ حَنَى بِالْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ الْخَفِيفَةِ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ، وَسَيَأْتِي حَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ هَذَا مَوْصُولًا مُطَوَّلًا فِي بَابِ سُنَّةِ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ بِلَفْظِ ثُمَّ رَكَعَ فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ، زَادَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ وَوَتَّرَ يَدَيْهِ فَتَجَافَى عَنْ جَنْبَيْهِ، وَلَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ: أَمْكَنَ كَفَّيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ غَيْرَ مُقْنِعِ رَأْسِهِ وَلَا صَافِحَ بِخَدِّهِ.
١٢١ - بَاب حَدِّ إِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالِاعْتِدَالِ فِيهِ وَالطُّمَأْنِينَةِ
(١) ولفظه: بين الرجل وبين الكفر والفرك ترك الصلاة، انتهى. وقد ورد في معناه أحاديث، والصواب حمل الكفر فيها على الحقيقة وأن من ترك الصلاة خرج من الإسلام. وقد حكام عبد الله بن شقيق القبل من جميع الصحابة ﵃ وأدله من الكتاب والسنة كثيرة. والله أعلم