للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كَانَ أَبُو طَلْحَةَ لَا يَصُومُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ مِنْ أَجْلِ الْغَزْوِ، فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ لَمْ أَرَهُ مُفْطِرًا إِلَّا يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى.

قَوْلُهُ: (بَابُ مَنِ اخْتَارَ الْغَزْوَ عَلَى الصَّوْمِ) أَيْ لِئَلَّا يُضْعِفَهُ الصَّوْمُ عَنِ الْقِتَالِ، وَلَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ لِمَنْ عَرَفَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُهُ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ سِتَّةِ أَبْوَابٍ.

قَوْلُهُ: (لَا يَصُومُ) فِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَلِيدِ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ، وَعَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ لَا يَكَادُ يَصُومُ وَفِي رِوَايَةِ عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ كَانَ قَلَّمَا يَصُومُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ النَّفْيَ فِي رِوَايَةِ آدَمَ لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ، وَقَدْ وَافَقَ آدَمُ، سُلَيْمَانَ بْنَ حَرْبٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (إِلَّا يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى) أَيْ فَكَانَ لَا يَصُومُهُمَا، وَالْمُرَادُ بِيَوْمِ الْأَضْحَى مَا تُشْرَعُ فِيهِ الْأُضْحِيَةُ فَيَدْخُلُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، وَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ لَمْ يَكُنْ يُلَازِمُ الْغَزْوَ بَعْدَ النَّبِيِّ ، وَإِنَّمَا تَرَكَ التَّطَوُّعَ بِالصَّوْمِ لِأَجْلِ الْغَزْوِ خَشْيَةَ أَنْ يُضْعِفَهُ عَنِ الْقِتَالِ، مَعَ أَنَّهُ فِي آخِرِ عُمْرِهِ رَجَعَ إِلَى الْغَزْوِ، فَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ، وَالْحَاكِمُ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ قَرَأَ ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا﴾ فَقَالَ: اسْتَنْفَرَنَا اللَّهُ شُيُوخًا وَشُبَّانًا جَهِّزُونِي، فَقَالَ لَهُ بَنُوهُ: نَحْنُ نَغْزُو عَنْكَ، فَأَبَى فَجَهَّزُوهُ، فَغَزَا فِي الْبَحْرِ فَمَاتَ، فَدَفَنُوهُ بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ قَالَ الْمُهَلَّبُ: مَثَّلَ النَّبِيُّ الْمُجَاهِدَ بِالصَّائِمِ لَا يُفْطِرُ، يَعْنِي كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْجِهَادِ فَلِذَلِكَ قَدَّمَهُ أَبُو طَلْحَةَ عَلَى الصَّوْمِ، فَلَمَّا تَوَطَّأَ الْإِسْلَامَ وَعَلِمَ أَنَّهُ صَارَ فِي سَعَةٍ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ حَظَّهُ مِنَ الصَّوْمِ إِذْ فَاتَهُ الْغَزْوُ، وَفِيهِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِصِيَامِ الدَّهْرِ بَأْسًا.

(تَنْبِيهٌ):

وَقَعَ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ أَقَامَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَا يُفْطِرُ إِلَّا يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى. وَعَلَى الْحَاكِمِ فِيهِ مَأْخَذَانِ

أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَصْلَهُ فِي الْبُخَارِيِّ فَلَا يُسْتَدْرَكُ،

ثَانِيهِمَا: أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي مِقْدَارِ حَيَاتِهِ بَعْدَ النَّبِيِّ غَلَطٌ فَإِنَّهُ لَمْ يُقِمْ بَعْدَهُ سِوَى ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً. فَلَعَلَّهَا كَانَتْ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ فَتَغَيَّرَتْ.

٣٠ - بَاب الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ

٢٨٢٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: الْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُونُ وَالْغَرِقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

٢٨٣٠ - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ.

[الحديث ٢٨٣٠ - طرفه في: ٥٧٣٢]

قَوْلُهُ: (بَابٌ الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ) اخْتُلِفَ فِي سَبَبِ تَسْمِيَةِ الشَّهِيدِ شَهِيدًا، فَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: لِأَنَّهُ حَيٌّ فَكَأَنَّ أَرْوَاحَهُمْ شَاهِدَةٌ أَيْ حَاضِرَةٌ. وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: لِأَنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يَشْهَدُونَ لَهُ بِالْجَنَّةِ. وَقِيلَ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ مَا أُعِدَّ لَهُ مِنَ الْكَرَامَةِ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يُشْهَدُ لَهُ بِالْأَمَانِ مِنَ النَّارِ. وَقِيلَ لِأَنَّ عَلَيْهِ شَاهِدًا بِكَوْنِهِ