طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ سَأَلَهُ نِسَاؤُهُ عَنْ الْجِهَادِ فَقَالَ: نِعْمَ الْجِهَادُ الْحَجُّ.
قَوْلُهُ: (بَابُ جِهَادِ النِّسَاءِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ: جِهَادُكُنَّ الْحَجُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْجِهَادِ، وَمَضَى شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ. وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِلَفْظِ: جِهَادُ الْكَبِيرِ - أَيِ الْعَاجِزِ الضَّعِيفِ - وَالْمَرْأَةِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ.
قَوْلُهُ فِيهِ: (وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدَ) هُوَ الْعَدَنِيُّ، وَرِوَايَتُهُ مَوْصُولَةٌ فِي: جَامِعِ سُفْيَانَ
وَقَوْلُهُ فِي الطَّرِيقِ الْأُخْرَى: وَعَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ هُوَ مَوْصُولٌ مِنْ رِوَايَةِ قَبِيصَةَ الْمَذْكُورَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ عِنْدَهُ فِيهِ عَنْ سُفْيَانَ إِسْنَادَيْنِ وَقَدْ وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ هَنَّادِ بْنِ السَّرِيِّ، عَنْ قَبِيصَةَ كَذَلِكَ.
وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: دَلَّ حَدِيثُ عَائِشَةَ عَلَى أَنَّ الْجِهَادَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى النِّسَاءِ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ: جِهَادُكُنَّ الْحَجُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُنَّ أَنْ يَتَطَوَّعْنَ بِالْجِهَادِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِنَّ وَاجِبًا لِمَا فِيهِ مِنْ مُغَايَرَةِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُنَّ مِنَ السِّتْرِ وَمُجَانَبَةِ الرِّجَالِ، فَلِذَلِكَ كَانَ الْحَجُّ أَفْضَلَ لَهُنَّ مِنَ الْجِهَادِ.
قُلْتُ: وَقَدْ لَمَّحَ الْبُخَارِيُّ بِذَلِكَ فِي إِيرَادِهِ التَّرْجَمَةَ مُجْمَلَةً وَتَعْقِيبَهَا بِالتَّرَاجِمِ الْمُصَرِّحَةِ بِخُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْجِهَادِ.
٦٣ - بَاب غَزْوِ الْمَرْأَةِ فِي الْبَحْرِ
٢٨٧٧، ٢٨٧٨ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ هُوَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا ﵁ يَقُولُ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى ابْنَةِ مِلْحَانَ فَاتَّكَأَ عِنْدَهَا ثُمَّ ضَحِكَ فَقَالَتْ: لِمَ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي يَرْكَبُونَ الْبَحْرَ الْأَخْضَرَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَثَلُهُمْ مَثَلُ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا مِنْهُمْ ثُمَّ عَادَ فَضَحِكَ فَقَالَتْ لَهُ مِثْلَ أَوْ مِمَّ ذَلِكَ؟ فَقَالَ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: أَنْتِ مِنْ الْأَوَّلِينَ وَلَسْتِ مِنْ الْآخِرِينَ، قَالَ أَنَسٌ: فَتَزَوَّجَتْ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ فَرَكِبَتْ الْبَحْرَ مَعَ بِنْتِ قَرَظَةَ فَلَمَّا قَفَلَتْ رَكِبَتْ دَابَّتَهَا فَوَقَصَتْ بِهَا فَسَقَطَتْ عَنْهَا فَمَاتَتْ.
قَوْلُهُ: (بَابُ غَزْوِ الْمَرْأَةِ فِي الْبَحْرِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي قِصَّةٍ أُمِّ حَرَامٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي بَابِ فَضْلِ مَنْ يُصْرَعُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَقَوْلُهُ فِي آخِرِهِ: قَالَ أَنَسٌ: فَتَزَوَّجَتْ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ ظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْهُ بَعْدَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسٍ فِي أَوَّلِ الْجِهَادِ بِلَفْظِ: وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا كَانَتْ حِينَئِذٍ زَوْجَتَهُ، فَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَتَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَهَذَا جَوَابُ ابْنِ التِّينِ، وَإِمَّا أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ: وَكَانَتْ تَحْتَ عُبَادَةَ جُمْلَةً مُعْتَرِضَةً أَرَادَ الرَّاوِي وَصْفَهَا بِهِ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ، وَظَهَرَ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِهِ أَنَّهُ إِنَّمَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَهَذَا الثَّانِي أَوْلَى لِمُوَافَقَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنْ أَنَسٍ عَلَى أَنَّ عُبَادَةَ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ اثْنَيْ عَشَرَ بَابًا، وَقَولُهُ فِي آخِرِهِ: فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ مَعَ بِنْتِ قَرَظَةَ هِيَ زَوْجُ مُعَاوِيَةَ وَاسْمُهَا فَاخِتَةُ وَقِيلَ: كَنُودٌ، وَكَانَتْ تَحْتَ عُتْبَةَ بْنِ سَهْلٍ قَبْلَ مُعَاوِيَةَ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُعَاوِيَةُ تَزَوَّجَ الْأُخْتَيْنِ وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى، وَهَذِهِ