للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣٢ - بَاب ذِكْرُ الْجِنِّ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ﴾

٣٨٥٩ - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، ح دَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ مَعْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: سَأَلْتُ مَسْرُوقًا: مَنْ آذَنَ النَّبِيَّ بِالْجِنِّ لَيْلَةَ اسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُوكَ - يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ - أَنَّهُ آذَنَتْ بِهِمْ شَجَرَةٌ.

٣٨٦٠ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي جَدِّي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ "أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ مَعَ النَّبِيِّ إِدَاوَةً لِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ فَبَيْنَمَا هُوَ يَتْبَعُهُ بِهَا فَقَالَ مَنْ هَذَا فَقَالَ أَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَ ابْغِنِي أَحْجَارًا أَسْتَنْفِضْ بِهَا وَلَا تَأْتِنِي بِعَظْمٍ وَلَا بِرَوْثَةٍ فَأَتَيْتُهُ بِأَحْجَارٍ أَحْمِلُهَا فِي طَرَفِ ثَوْبِي حَتَّى وَضَعْتُهَا إِلَى جَنْبِهِ ثُمَّ انْصَرَفْتُ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مَشَيْتُ فَقُلْتُ مَا بَالُ الْعَظْمِ وَالرَّوْثَةِ قَالَ هُمَا مِنْ طَعَامِ الْجِنِّ وَإِنَّهُ أَتَانِي وَفْدُ جِنِّ نَصِيبِينَ وَنِعْمَ الْجِنُّ فَسَأَلُونِي الزَّادَ فَدَعَوْتُ اللَّهَ لَهُمْ أَنْ لَا يَمُرُّوا بِعَظْمٍ وَلَا بِرَوْثَةٍ إِلاَّ وَجَدُوا عَلَيْهَا طَعَمًا".

قَوْلُهُ: (بَابُ ذِكْرِ الْجِنِّ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْجِنِّ فِي أَوَائِلِ بَدْءِ الْخَلْقِ بِمَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَتِهِ.

قَوْلُهُ: (وَقَوْلُ اللَّهِ ﷿: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ﴾ الْآيَةَ) يُرِيدُ تَفْسِيرَ هَذِهِ الْآيَةِ، وَقَدْ أَنْكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُمُ اجْتَمَعُوا بِالنَّبِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا قَرَأَ النَّبِيُّ عَلَى الْجِنِّ وَلَا رَآهُمْ الْحَدِيثَ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْبَابِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِي اجْتِمَاعِ النَّبِيِّ بِالْجِنِّ وَحَدِيثِهِ مَعَهُمْ، لَكِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِمْ، وَلَا أَنَّهُمُ الْجِنُّ الَّذِينَ اسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ ; لِأَنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ لَيْلَتَئِذٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ إِنَّمَا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ الْمَدِينَةَ، وَقِصَّةُ اسْتِمَاعِ الْجِنِّ لِلْقُرْآنِ كَانَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ، فَيُجْمَعُ بَيْنَ مَا نَفَاهُ وَمَا أَثْبَتَهُ غَيْرُهُ بِتَعَدُّدِ وُفُودِ الْجِنِّ عَلَى النَّبِيِّ فَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي مَكَّةَ فَكَانَ لِاسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ وَالرُّجُوعِ إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ كَمَا وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ، وَأَمَّا فِي الْمَدِينَةِ فَلِلسُّؤَالِ عَنِ الْأَحْكَامِ، وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي الْحَدِيثَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقُدُومُ الثَّانِي كَانَ أَيْضًا بِمَكَّةَ، وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ كَمَا سَنَذْكُرُهُ، وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ بِالْمَدِينَةِ، وَيُحْتَمَلُ تَعَدُّدُ الْقُدُومِ بِمَكَّةَ

مَرَّتَيْنِ وَبِالْمَدِينَةِ أَيْضًا.

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ حَكَى مَا وَقَعَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ عِنْدَمَا عَلِمَ الْجِنُّ بِحَالِهِ وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ يَقْرَأْ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَرَهُمْ، ثُمَّ أَتَاهُ دَاعِي الْجِنِّ مَرَّةً أُخْرَى، فَذَهَبَ مَعَهُ وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ كَمَا حَكَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ انْتَهَى، وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: هَبَطُوا عَلَى النَّبِيِّ وَهُوَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِبَطْنِ نَخْلٍ، فَلَمَّا سَمِعُوهُ قَالُوا: أَنْصِتُوا، وَكَانُوا سَبْعَةً أَحَدُهُمْ زَوْبَعَةُ. قُلْتُ: وَهَذَا يُوَافِقُ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: هَلْ صَحِبَ أَحَدٌ مِنْكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: لَا،