قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ) أَيْ مِثْلَ مَا أَخْبَرَ عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ، وَقَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِالْإِسْنَادَيْنِ مَعًا مُفَرَّقًا وَهُوَ مِنْ مُرْسَلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَعِيدٌ أَيْضًا سَمِعَهُ مِنْ عَائِشَةَ ﵂.
٢٠ - بَاب كُنْيَةِ النَّبِيِّ ﷺ
٣٥٣٧ - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ ﵁ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ فِي السُّوقِ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: سَمُّوا بِاسْمِي، وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي.
٣٥٣٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ ﵁، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: تَسَمَّوْا بِاسْمِي، وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي.
٣٥٣٩ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ ﷺ: سَمُّوا بِاسْمِي، وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي. ثَالِثُهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَوْلُهُ: (قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ ﷺ كَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ وَهُوَ لَطِيفٌ، وَتَقَدَّمَ فِي الْعِلْمِ بِلَفْظِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي جَوَازِ التَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ ﷺ، فَالْمَشْهُورُ عَنِ الشَّافِعِيِّ الْمَنْعُ عَلَى ظَاهِرِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، وَقِيلَ: يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِزَمَانِهِ، وَقِيلَ: بِمَنْ تَسَمَّى بِاسْمِهِ، وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ وَتَوْجِيهُ هَذِهِ الْمَذَاهِبِ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (بَابُ كُنْيَةِ النَّبِيِّ ﷺ الْكُنْيَةُ بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ النُّونِ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْكِنَايَةِ تَقُولُ: كَنَّيْتُ عَنِ الْأَمْرِ بِكَذَا إِذَا ذَكَرْتُهُ بِغَيْرِ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَيْهِ صَرِيحًا.
وَقَدِ اشْتَهَرَتِ الْكُنَى لِلْعَرَبِ حَتَّى رُبَّمَا غَلَبَتْ عَلَى الْأَسْمَاءِ كَأَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي لَهَبٍ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدْ يَكُونُ لِلْوَاحِدِ كُنْيَةٌ وَاحِدَةٌ فَأَكْثَرُ، وَقَدْ يَشْتَهِرُ بِاسْمِهِ وَكُنْيَتِهِ جَمِيعًا، فَالِاسْمُ وَالْكُنْيَةُ وَاللَّقَبُ يَجْمَعُهَا الْعَلَمُ بِفَتْحَتَيْنِ، وَتَتَغَايَرُ بِأَنَّ اللَّقَبَ مَا أَشْعَرَ بِمَدْحٍ أَوْ ذَمٍّ، وَالْكُنْيَةُ مَا صُدِّرَتْ بِأَبٍ أَوْ أُمٍّ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَهُوَ اسْمٌ. وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُكَنَّى أَبَا الْقَاسِمِ بِوَلَدِهِ الْقَاسِمِ وَكَانَ أَكْبَرَ أَوْلَادِهِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ مَاتَ قَبْلَ الْبَعْثَةِ أَوْ بَعْدَهَا؟ وَقَدْ وُلِدَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ فِي الْمَدِينَةِ مِنْ مَارِيَةَ، وَمَضَى شَيْءٌ مِنْ أَمْرِهِ فِي الْجَنَائِزِ. وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا إِبْرَاهِيمَ.
وَأَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ: أَحَدُهَا حَدِيثُ أَنَسٍ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَقَدْ مَضَى فِي الْبُيُوعِ بِأَتَمَّ مِنْهُ، وَفِيهِ أَنَّ الرَّجُلَ قَالَ لَهُ: لَمْ أَعْنِكَ، وَحِينَئِذٍ نَهَى عَنِ التَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ.
ثَانِيهَا حَدِيثُ جَابِرٍ، وَسَالِمٌ الرَّاوِي عَنْهُ هُوَ ابْنُ الْجَعْدِ، وَأَوْرَدَهُ أَيْضًا مُخْتَصَرًا وَقَدْ مَضَى فِي الْخُمُسِ بِأَتَمَّ مِنْهُ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ فِي أَوَّلِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ سُفْيَانُ بَدَلَ شُعْبَةَ، وَمَالَ الْجَيَّانِيُّ إِلَى تَرْجِيحِ الْأَكْثَرِ، فَإِنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ.
٢١ - بَابٌ
٣٥٤٠ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ الْجُعَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: رَأَيْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ ابْنَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ جَلْدًا مُعْتَدِلًا فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ مَا مُتِّعْتُ بِهِ سَمْعِي وَبَصَرِي