تَكُونَ بَيَانًا لِمَا أُرِيدَ بِالْقُرْآنِ.
ثَالِثُهَا: أَنْ تَكُونَ دَالَّةً عَلَى حُكْمٍ سَكَتَ عَنْهُ الْقُرْآنُ، وَهَذَا ثَالِثٌ يَكُونُ حُكْمًا مُبْتَدَأً مِنَ النَّبِيِّ ﷺ فَتَجِبُ طَاعَتُهُ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ لَا يُطَاعُ إِلَّا فِيمَا وَافَقَ الْقُرْآنَ، لَمْ تَكُنْ لَهُ طَاعَةٌ خَاصَّةٌ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ وَقَدْ تَنَاقَضَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ لَا يُقْبَلُ الْحُكْمُ الزَّائِدُ عَلَى الْقُرْآنِ إِلَّا إِنْ كَانَ مُتَوَاتِرًا أَوْ مَشْهُورًا. فَقَدْ قَالُوا بِتَحْرِيمِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا، وَتَحْرِيمِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ بِالرَّضَاعَةِ، وَخِيَارِ الشَّرْطِ وَالشُّفْعَةِ وَالرَّهْنِ فِي الْحَضَرِ، وَمِيرَاثِ الْجَدَّةِ، وَتَخْيِيرِ الْأَمَةِ إِذَا عَتَقَتْ، وَمَنْعِ الْحَائِضِ مِنَ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ جَامَعَ وَهُوَ صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ، وَوُجُوبِ إِحْدَادِ الْمُعْتَدَّةِ عَنِ الْوَفَاةِ، وَتَجْوِيزِ الْوُضُوءِ بِنَبِيذِ التَّمْرِ، وَإِيجَابِ الْوِتْرِ وَأَنَّ أَقَلَّ الصَّدَاقِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَتَوْرِيثِ بِنْتِ الِابْنِ السُّدُسَ مَعَ الْبِنْتِ، وَاسْتِبْرَاءِ الْمَسْبِيَّةِ بِحَيْضَةٍ، وَأَنَّ أَعْيَانَ بَنِي الْأُمِّ يَتَوَارَثُونَ، وَلَا يُقَادُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ، وَأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ، وَقَطْعِ رِجْلِ السَّارِقِ فِي الثَّانِيَةِ، وَتَرْكِ الِاقْتِصَاصِ مِنَ الْجُرْحِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، وَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ، وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَطُولُ شَرْحُهُ، وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا آحَادٌ وَبَعْضُهَا ثَابِتٌ وَبَعْضُهَا غَيْرُ ثَابِتٍ وَلَكِنَّهُمْ قَسَّمُوهَا إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ، وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَفَاصِيلُ يَطُولُ شَرْحُهَا، وَمَحَلُّ بَسْطِهَا أُصُولُ الْفِقْهِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
٢ - بَاب بَعْثِ النَّبِيِّ ﷺ الزُّبَيْرَ طَلِيعَةً وَحْدَهُ
٧٢٦١ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: نَدَبَ النَّبِيُّ ﷺ النَّاسَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ، فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ، فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ فَقَالَ: لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ، قَالَ سُفْيَانُ: حَفِظْتُهُ مِنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَقَالَ لَهُ أَيُّوبُ: يَا أَبَا بَكْرٍ حَدِّثْهُمْ عَنْ جَابِرٍ، فَإِنَّ الْقَوْمَ يُعْجِبُهُمْ أَنْ تُحَدِّثَهُمْ عَنْ جَابِرٍ، فَقَالَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ: سَمِعْتُ جَابِرًا، فَتَابَعَ بَيْنَ أَحَادِيثَ: سَمِعْتُ جَابِرًا. قُلْتُ لِسُفْيَانَ: فَإِنَّ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: يَوْمَ قُرَيْظَةَ فَقَالَ: كَذَا حَفِظْتُهُ مِنْهُ كَمَا أَنَّكَ جَالِسٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ قَالَ سُفْيَانُ: هُوَ يَوْمٌ وَاحِدٌ، وَتَبَسَّمَ سُفْيَانُ.
قَوْلُهُ: بَابُ بَعْثِ النَّبِيِّ ﷺ الزُّبَيْرَ طَلِيعَةً وَحْدَهُ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ جَابِرٍ، وَهُوَ الْحَدِيثُ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ إِجَازَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ ; وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ.
وَقَوْلُهُ حَفِظْتُهُ مِنَ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ يَعْنِي مُحَمَّدًا وَقَالَ لَهُ أَيُّوبُ يَعْنِي السَّخْتِيَانِيَّ، يَا أَبَا بَكْرٍ هِيَ كُنْيَةُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَيُكْنَى أَيْضًا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَلَهُ أَخٌ آخَرُ يُقَالُ لَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْكَدِرِ اسْمُهُ كُنْيَتُهُ، وَقَوْلُهُ: نَدَبَ أَيْ دَعَا وَطَلَبَ ; وَقَوْلُهُ: انْتَدَبَ أَيْ أَجَابَ فَأَسْرَعَ، وَقَوْلُهُ: فَتَتَابَعَ كَذَا لَهُمْ بِمُثَنَّاتَيْنِ، وَلِلكُشْمِيهَنِيِّ فَتَابَعَ بِتَاءٍ وَاحِدَةٍ، وَقَوْلُهُ: بَيْنَ أَحَادِيثَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ.
قَوْلُهُ: قُلْتُ لِسُفْيَانَ يَعْنِي ابْنَ عُيَيْنَةَ وَالْقَائِلُ هُوَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ يَوْمَ قُرَيْظَةَ) قُلْتُ: لَمْ أَرَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مِمَّنْ أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ بِلَفْظِ: يَوْمَ قُرَيْظَةَ إِلَّا عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ وَكِيعٍ كَذَلِكَ فَلَعَلَّ ابْنَ الْمَدِينِيِّ حَمَلَهُ عَنْ وَكِيعٍ فَقَالَ: وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْجِهَادِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، وَفِي الْمَغَازِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الْمَنَاقِبِ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ، وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، وَمُسْلِمٌ أَيْضًا وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute