﷽
١٠ - كِتَاب الْأَذَانِ
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ - كِتَابُ أَبْوَابِ الْأَذَانِ) الْأَذَانُ لُغَةً الْإِعْلَامُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الْأَذَنِ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ الِاسْتِمَاعُ. وَشَرْعًا الْإِعْلَامُ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ: الْأَذَانُ عَلَى قِلَّةِ أَلْفَاظِهِ مُشْتَمِلٌ عَلَى مَسَائِلِ الْعَقِيدَةِ لِأَنَّهُ بَدَأَ بِالْأَكْبَرِيَّةِ وَهِيَ تَتَضَمَّنُ وُجُودَ اللَّهِ وَكَمَالَهُ، ثُمَّ ثَنَّى بِالتَّوْحِيدِ وَنَفْيِ الشَّرِيكِ، ثُمَّ بِإِثْبَاتِ الرِّسَالَةِ لِمُحَمَّدٍ ﷺ ثُمَّ دَعَا إِلَى الطَّاعَةِ الْمَخْصُوصَةِ عَقِبَ الشَّهَادَةِ بِالرِّسَالَةِ لِأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَةِ الرَّسُولِ، ثُمَّ دَعَا إِلَى الْفَلَاحِ وَهُوَ الْبَقَاءُ الدَّائِمُ وَفِيهِ الْإِشَارَةُ إِلَى الْمَعَادِ، ثُمَّ أَعَادَ مَا أَعَادَ تَوْكِيدًا. وَيَحْصُلُ مِنَ الْأَذَانِ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ، وَالدُّعَاءُ إِلَى الْجَمَاعَةِ، وَإِظْهَارُ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ. وَالْحِكْمَةُ فِي اخْتِيَارِ الْقَوْلِ لَهُ دُونَ الْفِعْلِ سُهُولَةُ الْقَوْلِ وَتَيَسُّرُهُ لِكُلِّ أَحَدٍ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، وَاخْتُلِفَ أَيُّمَا أَفْضَلُ الْأَذَانُ أَوِ الْإِمَامَةُ؟ ثَالِثُهَا إِنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْقِيَامَ بِحُقُوقِ الْإِمَامَةِ فَهِيَ أَفْضَلُ وَإِلَّا فَالْأَذَانُ، وَفِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ مَا يُومِئُ إِلَيْهِ.
وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَقِيلَ: يُكْرَهُ، وَفِي الْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ لَكِنَّ سَنَدَهُ ضَعِيفٌ، وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ لَوْ أُطِيقُ الْأَذَانَ مَعَ الْخِلَافَةِ لَأَذَّنْتُ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ.
١ - بَاب بَدْءُ الْأَذَانِ
وَقَوْلُهُ ﷿ ﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ﴾ وَقَوْلُهُ ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ﴾
٦٠٣ - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسِ قَالَ: ذَكَرُوا النَّارَ وَالنَّاقُوسَ فَذَكَرُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى فَأُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الْإِقَامَةَ.
[الحديث ٦٠٣ - أطرافه ٣٤٥٧، ٦٠٧، ٦٠٦، ٦٠٥]
٦٠٤ - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلَاةَ لَيْسَ يُنَادَى لَهَا فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ بُوقًا مِثْلَ قَرْنِ الْيَهُودِ فَقَالَ عُمَرُ أَوَلَا تَبْعَثُونَ رَجُلًا يُنَادِي بِالصَّلَاةِ فَقال رسول الله ﷺ: "يَا بِلَالُ قُمْ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ"
قوله: (بَابُ بَدْءِ الْأَذَانِ) أَيِ ابْتِدَائِهِ. وَسَقَطَ لَفْظُ بَابُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، وَكَذَلِكَ سَقَطَتِ الْبَسْمَلَةُ مِنْ رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ وَغَيْرِهِ.
قَوْله: (وَقَوْلُ اللَّهِ ﷿: ﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ﴾ الْآيَةَ يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ ابْتِدَاءَ الْأَذَانِ كَانَ بِالْمَدِينَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ أَنَّ الْيَهُودَ لَمَّا سَمِعُوا الْأَذَانَ قَالُوا: لَقَدِ ابْتَدَعْتَ يَا مُحَمَّدُ شَيْئًا لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute