لَبِثَ حَيْثُ صُلِّيَتْ الْعِشَاءُ ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حَتَّى تَعَشَّى النَّبِيُّ ﷺ فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنْ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ. قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: وَمَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ - أَوْ قَالَتْ ضَيْفِكَ - قَالَ: أَوَمَا عَشَّيْتِيهِمْ؟ قَالَتْ: أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ قَدْ عُرِضُوا فَأَبَوْا، قَالَ: فَذَهَبْتُ أَنَا فَاخْتَبَأْتُ فَقَالَ: يَا غُنْثَرُ - فَجَدَّعَ وَسَبَّ - وَقَالَ: كُلُوا لَا هَنِيئًا.
فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُهُ أَبَدًا وَأيْمُ اللَّهِ مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنْ لُقْمَةٍ إِلَّا رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا، قَالَ: يَعْنِي حَتَّى شَبِعُوا وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هِيَ كَمَا هِيَ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهَا فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ مَا هَذَا؟ قَالَتْ: لَا وَقُرَّةِ عَيْنِي، لَهِيَ الْآنَ أَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ الشَّيْطَانِ - يَعْنِي يَمِينَهُ - ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَقْدٌ فَمَضَى الْأَجَلُ فَفَرَّقَنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ، فَأَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ أَوْ كَمَا قَالَ.
[الحديث ٦٠٢ - أطرافه في: ٦١٤١، ٦١٤٠، ٣٥٨١]
قَوْلُهُ: (بَابُ السَّمَرِ مَعَ الْأَهْلِ وَالضَّيْفِ) قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمُنِيرِ مَا مُحَصِّلُهُ: اقْتَطَعَ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْبَابَ مِنْ بَابِ السَّمَرِ فِي الْفِقْهِ وَالْخَيْرِ لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ عَنْ مُسَمَّى الْخَيْرِ، لِأَنَّ الْخَيْرَ مُتَمَحِّضٌ لِلطَّاعَةِ لَا يَقَعُ عَلَى غَيْرِهَا، وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ السَّمَرِ خَارِجٌ عَنْ أَصْلِ الضِّيَافَةِ وَالصِّلَةِ الْمَأْمُورِ بِهِمَا، فَقَدْ يَكُونُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ فِي حَقِّهِمَا فَيَلْتَحِقُ بِالسَّمَرِ الْجَائِزِ أَوِ الْمُتَرَدِّدِ بَيْنَ الْإِبَاحَةِ وَالنَّدْبِ. وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ أَبِي بَكْرٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ اشْتِغَالُ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ بِمَجِيئِهِ إِلَى بَيْتِهِ وَمُرَاجَعَتِهِ لِخَبَرِ الْأَضْيَافِ وَاشْتِغَالِهِ بِمَا دَارَ بَيْنَهُمْ، وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَعْنَى السَّمَرِ، لِأَنَّهُ سَمَرٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى مُخَاطَبَةٍ وَمُلَاطَفَةٍ وَمُعَاتَبَةٍ. انْتَهَى.
قَوْله: (كَانُوا أُنَاسًا) لِلْكُشْمِيهَنِيِّ كَانُوا نَاسًا.
قَوْله: (فَهُوَ أَنَا وَأَبِي) زَادَ الْكُشْمِيهَنِيُّ وَأُمِّي وَلِلْمُسْتَمْلِي فَهُوَ وَأَنَا وَأُمِّي.
قَوْله: (ثُمَّ لَبِثَ حَيْثُ صَلَّيْتُ الْعِشَاءَ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ حَتَّى بَدَلَ حَيْثُ.
قَوْله: (فَفَرَّقَنَا) أَيْ جَعَلَنَا فِرَقًا، وَسَنَذْكُرُ فَوَائِدَ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَحْكَامِ وَغَيْرِهَا فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ مُفَصَّلًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(خَاتِمَةٌ): اشْتَمَلَ كِتَابُ الْمَوَاقِيتِ عَلَى مِائَةِ حَدِيثٍ وَسَبْعَةَ عَشَرَ حَدِيثًا، الْمُعَلَّقُ مِنْ ذَلِكَ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ حَدِيثًا وَالْبَاقِي مَوْصُولٌ، الْخَالِصُ مِنْهَا ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ حَدِيثًا وَالْمُكَرَّرُ مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا تَقَدَّمَ تِسْعَةٌ وَسِتُّونَ حَدِيثًا، وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى جَمِيعِهَا سِوَى ثَلَاثَةِ عَشَرَ حَدِيثًا، وَهِيَ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي السُّجُودِ عَلَى الظَّهَائِرِ وَقَدْ أَخْرَجَ مَعْنَاهُ، وَحَدِيثُهُ مَا أَعْرِفُ شَيْئًا وَحَدِيثُهُ فِي الْمَعْنَى هَذِهِ الصَّلَاةُ قَدْ ضُيِّعَتْ وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَبْرِدُوا وَكَذَا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ إِنَّمَا بَقَاؤُكُم فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ وَحَدِيثُ أَبِي مُوسَى مَثَلُ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَحَدِيثُ أَنَسٍ كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ وَقَدِ اتَّفَقَا عَلَى أَصْلِهِ، وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ لَا يَغْلِبَنَّكُمُ الْأَعْرَابُ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ وَحَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ كُنْتُ أَتَسَحَّرُ وَحَدِيثُ مُعَاوِيَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَحَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ فِي النَّوْمِ عَنِ الصُّبْحِ، عَلَى أَنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَ أَصْلَ الْحَدِيثِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ لَكِنْ بَيَّنَّا فِي الشَّرْحِ أَنَّهُمَا حَدِيثَانِ لِقِصَّتَيْنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ الْمَوْقُوفَةِ ثَلَاثَةُ آثَارٍ وَاللَّهُ ﷾ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute