مَا الْمُوجِبَتَانِ؟ قَالَ: مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الْجَيِّدُ أَنْ يُقَالَ: سَمِعَ ابْنَ مَسْعُودٍ اللَّفْظَتَيْنِ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ، وَلَكِنَّهُ فِي وَقْتٍ حَفِظَ إِحْدَاهُمَا، وَتَيَقَّنَهَا، وَلَمْ يَحْفَظِ الْأُخْرَى، فَرَفَعَ الْمَحْفُوظَةَ، وَضَمَّ الْأُخْرَى إِلَيْهَا، وَفِي وَقْتٍ بِالْعَكْسِ. قَالَ: فَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ رِوَايَتَيِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمُوَافَقَتِهِ لِرِوَايَةِ غَيْرِهِ فِي رَفْعِ اللَّفْظَتَيْنِ. انْتَهَى. وَهَذَا الَّذِي قَالَ مُحْتَمَلٌ بِلَا شَكٍّ، لَكِنْ فِيهِ بُعْدٌ مَعَ اتِّحَادِ مَخْرَجِ الْحَدِيثِ، فَلَوْ تَعَدَّدَ مَخْرَجُهُ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ لَكَانَ احْتِمَالًا قَرِيبًا مَعَ أَنَّهُ يُسْتَغْرَبُ مِنَ انْفِرَادِ رَاوٍ مِنَ الرُّوَاةِ بِذَلِكَ دُونَ رُفْقَتِهِ وَشَيْخِهِمْ وَمَنْ فَوْقَهُ، فَنِسْبَةُ السَّهْوِ إِلَى شَخْصٍ لَيْسَ بِمَعْصُومٍ أَوْلَى مِنْ هَذَا التَّعَسُّفِ.
(فَائِدَةٌ): حَكَى الْخَطِيبُ فِي الْمُدْرَجِ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ الْجَبَّارِ رَوَاهُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ مَرْفُوعًا كُلُّهُ، وَأَنَّهُ وَهم فِي ذَلِكَ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَثَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ أَخَذَهُ مِنْ ضَرُورَةِ انْحِصَارِ الْجَزَاءِ فِي الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَفِيهِ إِطْلَاقُ الْكَلِمَةِ عَلَى الْكَلَامِ الْكَثِيرِ، وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ.
٢ - بَاب الْأَمْرِ بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ
١٢٣٩ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْأَشْعَثِ قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، عَنْ الْبَرَاءِ ﵁ قَالَ: أَمَرَنَا النَّبِيُّ ﷺ بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ، أَمَرَنَا: بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ، وَرَدِّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَنَهَانَا: عَنْ آنِيَةِ الْفِضَّةِ، وَخَاتَمِ الذَّهَبِ، وَالْحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالْقَسِّيِّ، وَالْإِسْتَبْرَقِ.
[الحديث ١٢٣٩ - أطرافه في: ٢٤٤٥، ١٧٥، ٥٦٣٥، ٥٦٥٠، ٥٨٣٨، ٥٨٤٩، ٥٨٦٣، ٦٢٢٢، ٦٢٣٥، ٦٦٥٤،]
١٢٤٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ الأَوْزَاعِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ رَدُّ السَّلَامِ وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ"
تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. وَرَوَاهُ سَلَامَةُ بْنُ رَوْحٍ عَنْ عُقَيْلٍ
قَوْلُهُ: (بَابُ الْأَمْرِ بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ) قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: لَمْ يُفْصِحْ بِحُكْمِهِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: أَمَرَنَا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِلْوُجُوبِ أَوْ لِلنَّدْبِ.
قَوْلُهُ: (عَنِ الْأَشْعَثِ) هُوَ ابْنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ الْمُحَارِبِيُّ.
قَوْلُهُ: (عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ) أَوْرَدَهُ فِي الْمَظَالِمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْأَشْعَثِ، فَقَالَ فِيهِ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَشْعَثِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
قَوْلُهُ: (أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ)، أَمَّا الْمَأْمُورَاتُ فَسَنَذْكُرُ شَرْحَهَا فِي كِتَابَيِ الْأَدَبِ وَاللِّبَاسِ، وَالَّذِي يَتَعَلَّقُ مِنْهَا بِهَذَا الْبَابِ اتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ. وَأَمَّا الْمَنْهِيَّاتُ، فَمَحَلُّ شَرْحِهَا كِتَابُ اللِّبَاسِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِيهِ، وَسَقَطَ مِنَ الْمَنْهِيَّاتِ فِي هَذَا الْبَابِ وَاحِدَةٌ سَهْوًا، إِمَّا مِنَ الْمُصَنِّفِ، أَوْ مِنْ شَيْخِهِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ) كَذَا فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ غَيْرُ مَنْسُوبٍ، وَقَالَ الْكَلَابَاذِيُّ: هُوَ الذُّهْلِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ هُوَ التِّنِّيسِيُّ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ بِسَبَبِ أَنَّ فِي حَدِيثِهِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ مُنَاوَلَةً وَإِجَازَةً، لَكِنْ بَيَّنَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِيمَا سَمِعَهُ: حَدَّثَنَا، وَلَا