يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ.
[الحديث ١٦٠٢ - طرفه في: ٤٢٥٦]
قَوْلُهُ: (بَابٌ: كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الرَّمَلِ) أَيِ ابْتِدَاءُ مَشْرُوعِيَّتِهِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمِيمِ؛ هُوَ الْإِسْرَاعُ، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ شَبِيهٌ بِالْهَرْوَلَةِ، وَأَصْلُهُ أَنْ يُحَرِّكَ الْمَاشِي مَنْكِبَيْهِ فِي مَشْيِهِ، وَذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ الرَّمَلِ فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي الْمَغَازِي، وَعَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِحُكْمِ الرَّمَلِ بَعْدَ بَابٍ.
وقَوْلُهُ: (أَنْ يَرْمُلُوا) بِضَمِّ الْمِيمِ، وَهُوَ فِي مَوْضِعِ مَفْعُولِ يَأْمُرُهُمْ، تَقُولُ: أَمَرْتُهُ كَذَا، وَأَمَرْتُهُ بِكَذَا. وَ (الْأَشْوَاطَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ: جَمْعُ شَوْطٍ؛ بِفَتْحِ الشِّينِ، وَهُوَ الْجَرْيُ مَرَّةً إِلَى الْغَايَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الطَّوْفَةُ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، وَ (الْإِبْقَاءُ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ وَالْقَافِ: الرِّفْقُ وَالشَّفَقَةُ، وَهُوَ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ لَمْ يَمْنَعْهُ وَيَجُوزُ النَّصْبُ.
وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ تَسْمِيَةِ الطَّوْفَةِ شَوْطًا، وَنُقِلَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَالشَّافِعِيِّ كَرَاهَتُهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ إِظْهَارِ الْقُوَّةِ بِالْعِدَّةِ وَالسِّلَاحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِلْكُفَّارِ إِرْهَابًا لَهُمْ، وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ مِنَ الرِّيَاءِ الْمَذْمُومِ. وَفِيهِ جَوَازُ الْمَعَارِيضِ بِالْفِعْلِ كَمَا يَجُوزُ بِالْقَوْلِ، وَرُبَّمَا كَانَتْ بِالْفِعْلِ أَوْلَى.
٥٦ - بَاب اسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ أَوَّلَ مَا يَطُوفُ وَيَرْمُلُ ثَلَاثًا
١٦٠٣ - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ ﵁ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ إِذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ أَوَّلَ مَا يَطُوفُ يَخُبُّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ مِنْ السَّبْعِ.
[الحديث ١٦٠٣ - أطرافه في: ١٦٠٤، ١٦١٦، ١٦١٧، ١٦٤٤]
قَوْلُهُ: (بَابُ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ حِينَ يَقْدُمُ مَكَّةَ أَوَّلَ مَا يَطُوفُ وَيَرْمُلُ ثَلَاثًا) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ مُطَابِقٌ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ غَيْرِ مَزِيدٍ.
وقَوْلُهُ: (يَخُبُّ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ أَيْ يُسْرِعُ فِي مَشْيِهِ، وَالْخَبَبُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ أُخْرَى: الْعَدْوُ السَّرِيعُ، يُقَالُ: خَبَتِ الدَّابَّةُ إِذَا أَسْرَعَتْ وَرَاوَحَتْ بَيْنَ قَدَمَيْهَا، وَهَذَا يُشْعِرُ بِتَرَادُفِ الرَّمَلِ وَالْخَبَبِ عِنْدَ هَذَا الْقَائِلِ. وَقَوْلُهُ: (أَوَّلَ) مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِ، وَقَوْلُهُ: (مِنَ السَّبْعِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ؛ أَيِ السَّبْعِ طَوْفَاتٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الرَّمَلَ يَسْتَوْعِبُ الطَّوْفَةَ، فَهُوَ مُغَايِرٌ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي قَبْلَهُ، لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الِاسْتِيعَابِ، وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِيهِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ عُمَرَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٥٧ - بَاب الرَّمَلِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ
١٦٠٤ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ، حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَالَ: سَعَى النَّبِيُّ ﷺ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ وَمَشَى أَرْبَعَةً فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.
تَابَعَهُ اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ.