للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تَفَرَّسَ فِي الَّذِي قَالَ لَهُ: لَا أَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ الرَّغْبَةَ فِي الْإِسْلَامِ، فَرَدَّهُ رَجَاءَ أَنْ يُسْلِمَ فَصَدَقَ ظَنُّهُ، وَمِنْهَا أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ إِلَى رَأْيِ الْإِمَامِ، وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا نَظَرٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، فَيَحْتَاجُ مُدَّعِي التَّخْصِيصِ إِلَى دَلِيلٍ.

وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: قِصَّةُ صَفْوَانَ لَا تُعَارِضُ قَوْلَهُ: لَا أَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ؛ لِأَنَّ صَفْوَانَ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ بِاخْتِيَارِهِ، لَا بِأَمْرِ النَّبِيِّ لَهُ بِذَلِكَ، قُلْتُ: وَهِيَ تَفْرِقَةٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا وَلَا أَثَرَ لَهَا، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُخَالِفَ لَا يَقُولُ بِهِ مَعَ الْإِكْرَاهِ، وَأَمَّا الْأَمْرُ فَالتَّقْرِيرُ يَقُومُ مَقَامَهُ. قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: مَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ مِنَ الْفِقْهِ أَنْ لَا يُتَخَيَّلَ فِي الْإِمَامِ إِذَا حَمَى حَوْزَةَ الْإِسْلَامِ وَكَانَ غَيْرَ عَادِلٍ أَنَّهُ يَطْرَحُ النَّفْعَ فِي الدِّينِ لِفُجُورِهِ، فَيَجُوزُ الْخُرُوجُ عَلَيْهِ، فَأَرَادَ أَنَّ هَذَا التَّخَيُّلَ مُنْدَفِعٌ بِهَذَا النَّصِّ، وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ يُؤَيِّدُ دِينَهُ بِالْفَاجِرِ، وَفُجُورُهُ عَلَى نَفْسِهِ.

١٨٣ - بَاب مَنْ تَأَمَّرَ فِي الْحَرْبِ مِنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ إِذَا خَافَ الْعَدُوَّ

٣٠٦٣ - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ: أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ، فَفُتِحَ عَلَيْهِ، وَمَا يَسُرُّنِي - أَوْ قَالَ: مَا يَسُرُّهُمْ - أَنَّهُمْ عِنْدَنَا. وَقَالَ: وَإِنَّ عَيْنَيْهِ لَتَذْرِفَانِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ تَأَمَّرَ فِي الْحَرْبِ مِنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ إِذَا خَافَ الْعَدُوَّ) أَيْ: جَازَ ذَلِكَ.

ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ أَخْذِ خَالِدٍ الرَّايَةَ فِي يَوْمِ مُؤْتَةَ، وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ بِهِ أَيْضًا. قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: يُؤْخَذُ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّ مَنْ يُعَيَّنُ لِوِلَايَةٍ وَتَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ الْإِمَامِ أَنَّ الْوِلَايَةَ تَثْبُتُ لِذَلِكَ الْمُعَيَّنِ شَرْعًا وَتَجِبُ طَاعَتُهُ حُكْمًا. كَذَا قَالَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّهُ مَا إِذَا اتَّفَقَ الْحَاضِرُونَ عَلَيْهِ. قَالَ: وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ صِحَّةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ إِلَّا السُّلْطَانَ، فَتَعَذَّرَ إِذْنُ السُّلْطَانِ أَنْ يُزَوِّجَهَا الْآحَادُ، وَكَذَا إِذَا غَابَ إِمَامُ الْجُمُعَةِ قَدَّمَ النَّاسُ لِأَنْفُسِهِمْ.

١٨٤ - بَاب الْعَوْنِ بِالْمَدَدِ

٣٠٦٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَسَهْلُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ : أَنَّ النَّبِيَّ أَتَاهُ رِعْلٌ وَذَكْوَانُ وَعُصَيَّةُ وَبَنُو لَحْيَانَ، فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ أَسْلَمُوا، وَاسْتَمَدُّوهُ عَلَى قَوْمِهِمْ، فَأَمَدَّهُمْ النَّبِيُّ بِسَبْعِينَ مِنْ الْأَنْصَارِ، قَالَ أَنَسٌ: كُنَّا نُسَمِّيهِمُ الْقُرَّاءَ، يَحْطِبُونَ بِالنَّهَارِ، وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ، فَانْطَلَقُوا بِهِمْ حَتَّى بَلَغُوا بِئْرَ مَعُونَةَ غَدَرُوا بِهِمْ وَقَتَلُوهُمْ، فَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِي لَحْيَانَ. قَالَ قَتَادَةُ: وَحَدَّثَنَا أَنَسٌ أَنَّهُمْ قَرَءُوا بِهِمْ قُرْآنًا: أَلَا بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا بِأَنَّا قَدْ لَقِيَنَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا. ثُمَّ رُفِعَ ذَلِكَ بَعْدُ.

قَوْلُهُ: (بَابُ الْعَوْنِ بِالْمَدَدِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ: مَا يَمُدُّ بِهِ الْأَمِيرُ بَعْضَ الْعَسْكَرِ مِنَ الرِّجَالِ.

ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ